كان منوطا بحكمه ، لأجل الفرار عن التجرّي عن المعصية والوقوع في مخالفة الأمر وترك المأمور به لا عن عذر ، فإذا تبيّن عنده فساد منشأ حكمه ـ وهو الظنّ ـ تبيّن عنده مخالفة حكمه للواقع ، فيجزم بأنّه لا حكم في المقام سابقا ولاحقا إلاّ التخيير الّذي هو مفاد التوسعة الّتي اقتضاها إطلاق الدليل ، ومعه لا تأثير للاستصحاب بل لا مجرى له بما تقدّم من التقريب.
ويمكن دعوى قيام بناء العقلاء أيضا على ذلك في الأوامر العرفيّة كما لا يخفى.
ويؤيّده أصالة البراءة عن العقاب المترتّب على التأخير حينئذ ، ولا يعارضها أصالة الاشتغال على تقدير كون المقام من باب الشبهة في المكلّف به بعد موافقة ما ذكر من قضاء العقل وبناء العقلاء لها جدّا.
« الفائدة الرابعة »
إذا أخّر المكلّف أداء المأمور به مع ظنّ السلامة في الواجب الموسّع أو ما هو بحكمه موقّتا كان أو غيره ، فأتى به في الزمان المتأخّر فرغ ذمّته ولا شيء عليه أصلا ، كما هو من مقتضى التوسعة الثابتة في المقام شرعا أو عقلا ، وأمّا لو أخّره والحال هذه ففاجأه الموت أو أصابه مانع آخر عقلي أو شرعي ـ كالمرأة إذا طرءها الحيض ونحوه ـ فهل عليه شيء أو لا؟ والنظر في ذلك في مقامين :
الأوّل : في أنّه هل عليه إثم بفوات المأمور به عنه أو لا؟
والثاني : في أنّه هل عليه أو على وليّه قضاء أو لا؟
أمّا المقام الأوّل : فقد اختلف فيه على قولين أو أقوال ، فمنهم من قال بعدم العصيان مطلقا صرّح به غير واحد من الأصحاب ، والظاهر أنّه وفاقيّ عندهم.
ومنهم من فصّل في ذلك فذهب إلى أنّه يعصى فيما وقته العمر دون الموسّع ، حكاه بعض الفضلاء عن الحاجبي ، ثمّ قال : ووافقه العضدي في ظاهر كلامه.
وربّما يستفاد من مطاوي عبائرهم قول ثالث بالعصيان مطلقا ، وهو وإن لم يكن ممّا حكاه أحد ولا وقع التصريح به في كلام أحد ، إلاّ أنّه يظهر عمّن أورد على حجّة أصحاب القول الأوّل في احتجاجهم بقبح العقاب على تقدير التجويز ـ بناء على جواز التأخير الّذي عليه يترتّب التأخير المؤدّي إلى الترك ـ : بأنّ الجائز هو التأخير بشرط سلامة العاقبة فلا جواز مع عدمه.
ويستفاد ذلك عن المدقّق الشيرواني في إيراده على المحقّق السلطان فيما اعترض به على من أجاب عن استدلال القول بالفور بلزوم التكليف بالمحال أو خروج الواجب عن