لا ينافي الامتناع الإضافي من جهة القبح العقلي فيما لزمه القرينة المانعة ، ولا ينتج الجواز اللغوي فيه ولا في غيره.
[٦٠] قوله : (وحجّة المانعين بأنّه لو جاز استعمال اللفظ في المعنيين لزم الجمع بين المتنافيين ، أمّا الملازمة : فلأنّ من شرط المجاز نصب القرينة المانعة لإرادة الحقيقة ـ إلى قوله ـ فإذا استعمل المتكلّم اللفظ فيهما كان مريدا لاستعماله فيما وضع له باعتبار إرادة المعنى الحقيقي غير مريد له باعتبار إرادة المعنى المجازي ... الخ)
وفيه : بعد الغضّ عن القبح العقلي اللازم من إرادة المعنى الحقيقي ، منع الملازمة ، فإنّ إرادة المعنى المجازي لا تنفي بالذات إرادة المعنى الحقيقي لينافي إثبات إرادته بفرض وقوع الاستعمال فيه أيضا ، بل هو من مقتضى القرينة وهي أيضا لا تقضي بنفي تلك الإرادة بالذات ، بل باعتبار ما يتضمّنه من القبح.
وإذا قطعنا النظر عن القبح أو جوّزناه في حقّ المتكلّم ، فلا نافي لها من جهة القرينة ، كما لا نافي لها من جهة إرادة المعنى المجازي.
ثمّ إنّ نفي تلك الإرادة باعتبار القبح كما هو مقتضى القرينة ـ على ما حقّقناه ـ يوجب امتناعها بهذا الاعتبار [ و ] (١) لا حاجة في إلزام الخصم إلى تكلّف توسيط لزوم التناقض.
ثمّ على تقدير الاستدلال على الامتناع بلزوم القبح ، يتوجّه إليه كون الدليل أخصّ ، لأنّه لا يتمشّى في الكناية الّذي هو من قسم المجاز عند الاصوليّين على ما بيّنّاه.
ويرد عليه أيضا : أنّ قصارى ما يترتّب عليه إنّما هو القبح العقلي في إرادة الحقيقة ، وهو لا يلازم المنع اللغوي على وجه يكون الاستعمال غلطا.
ألا ترى أنّ قول الحكيم : « طر إلى السماء » مريدا به الحقيقة قبيح عقلا ، مع أنّه
__________________
(١) زيادة بقتضيها السياق.