واخرى : بأنّ اللفظ إن ذكر معه قرينة زائدة عليه فيفضي إلى التطويل بغير طائل ، وإلاّ فلا يفهم منه شيء أصلا ، فيكون إطلاقه عبثا ، فإنّ الغرض من الإطلاق إنّما هو فهم المعنى.
والجواب عن الأوّل : بأنّ عدم وقوع الاشتراك على الوجه الّذي يقتضيه التوزيع ـ حسبما رامه المستدلّ ـ كما هو معلوم بضرورة من اللغة ، وإلاّ كانت الألفاظ بأسرها مشتركة ، بل كلّ لفظ مشتركا بين معاني كثيرة ، وهذا ينافي ضرورة ندرته ، ووقوعه في بعض الألفاظ على ندرة دليل على بطلان القول بالوجوب وفساد وضع دليله ، مع أنّ المستدلّ ذكر : « إذا وزّع » وهو تقدير للتوزيع ، وظاهر أنّ تقدير الشيء لا يحقّقه ، والدليل لا يفيد وقوع التوزيع المذكور فضلا عن وجوبه.
نعم إنّما يسلّم وقوع الاشتراك على ندرة ، وهو لا يلازم وجوبه لوضوح الفرق بين وقوع الشيء ووجوب وقوعه والمسلّم هو الأوّل ، وقد يكون لمجرّد المقارنة الاتّفاقيّة كما لو حصل الاشتراك بالوضع اللاحق من واضع واحد إذا كان من البشر لعدم التفاته إلى وضعه السابق ، أو من واضع آخر لعدم اطّلاعه على وضع الأوّل ، أو لعدم التفاته إليه ، أو لغير ذلك من دواعي وقوعه ، من دون أن يكون واجبا.
وعن الثاني : بأنّ غاية ما يسلم في لفظ « الموجود » إنّما هو وقوع الاشتراك فيه ، وهو لا يلازم كونه على وجه الوجوب ، ولا ينافي كونه لضرب من الاتّفاق ، مع أنّ الموجودات غير متناهية ، وزمان الوضع متناه ، ولا يتصوّر وقوع الأوضاع الغير المتناهية في الزمان المتناهي ، مع تطرّق المنع إلى كون وجود كلّ شيء نفس ماهيّته ، فإنّه مبنيّ على القول بأصالة الوجود لا الماهيّة ، بل الحقّ الّذي لا محيص عنه هو أنّ الأصل الماهيّة والوجود طار عليها عارض ، لها فيكون قول « الموجود » على الموجودات بالتواطي لا بالاشتراك.
والقول : بأنّ الوجود إن كان صفة زائدة على الماهيّة فهي في القديم واجب وفي الحادث ممكن فلا يكون أمرا واحدا ، وإلاّ لكان الواحد بالحقيقة واجبا لذات وممكنا لاخرى ، وهو محال.