وأمّا الرابع : فلقيام كلامه تعالى وهو المؤلّف من الأصوات والحروف بالأجسام الخارجيّة الجماديّة ، لا بذاته تعالى.
أقول : قيام المبدأ بما يصدق عليه المشتقّ وعدمه ، إن اريد به حالة وجوده ـ على ما هو من لوازم العرض المحكوم عليه بأنّه إذا وجد في الخارج وجد في الموضوع ـ ليكون مرجع البحث إلى تعيين محلّ هذا الموجود ، نظرا إلى أنّه بعد وجوده عرض ولا بدّ له من موضوع فاختلف في وجوب كونه الذات الّتي يصدق عليها المشتقّ صدقا حمليّا أو صدقا إطلاقيّا وعدمه ، كما هو ظاهر كلمات أهل القول بعدم الإشتراط.
فالحقّ هو هذا القول ، بمعنى أنّ صدق المشتقّ على ذات لا يقتضي بالوضع ولا بالعقل وجوب كون محلّ وجود مبدئه الموجود في الخارج هو هذه الذات ، وذلك لما تبيّن في المباحث السابقة من أنّ الأسماء المشتقّة ألفاظ موضوعة للذوات الخارجيّة من حيث الأوصاف المضافة إليها ، قبالا للألفاظ الموضوعة لها من حيث هي هي.
والمراد من إضافة الأوصاف إليها انتسابها إليها وارتباطها بها ، ومعنى ارتباط الوصف بالذات في اسم الفاعل ، ونحوه كون المبدأ بحيث يصلح وقوع الذات فاعلا اصطلاحيّا له ، ويصحّ في نظر العرف أن يسند إليها إسنادا حقيقيّا ، وهذا لا يقتضي كونها محلاّ لوجوده ، موضوعا له حينما كان موجودا في الخارج.
وتوضيحه : إنّ فاعل الحدث قد يكون فاعلا له بالإيجاد « كالكاتب » و « الضاحك » و « الضارب » و « المتكلّم » وقد يكون فاعلا له بالإعداد « كالمحرق » و « المولد » و « الوالد » و « الوالدة » و « القاتل ».
وقد يكون فاعلا بالقبول « كالمريض » و « الميّت » و « المنكسر » و « المنقطع » وقد يكون فاعلا بالتقرّر والثبوت « كالحسن » و « الشريف » و « الأسود » و « الأبيض » وهذا كسابقه ممّا لا ينبغي التأمّل في قيام المبدأ فيه بفاعله ، على معنى كونه موضوعا لهذا العرض الموجود في الخارج.