الوضع الطارئ للتامّ ـ على الوجه الّذي قرّرناه ـ فكيف يعقل عدم التسامح في الإطلاق عليه ، إلاّ بالتزام تجدّد الوضع من العرف ودونه في نظر العرف والاعتبار خرط القتاد.
بل نقول : إنّ مراجعة الوجدان وتتبّع حال العرف يقضي بأنّ الإطلاق على كلّ ناقص ما دام مشتملا على الصورة النوعيّة ليس إلاّ على حدّ الإطلاق على التامّ ، فإنّ كلاّ منهما في نظر العرف والاعتبار يعدّ من أثر وضع واحد ، والمسامحة المدّعاة في طيّ الاستدلال لا نجد لها في نظر العرف عينا ولا أثرا.
فالقول بأنّا نجد من أنفسنا أنّ العلاقة المصحّحة لاستعمال اللفظ في الناقص هو التنزيل والمسامحة دون سائر الروابط والعلائق المسوّغة للتجوّز ، وهذه هي الطريقة المألوفة في استعمال الألفاظ الموضوعة للمقادير والأوزان في مرتبة خاصّة فيما هو زائد عليها أو ناقص عنها بضرب من التنزيل والمسامحة ، مكابرة للوجدان أو مجازفة لا ينبغي الإصغاء إليها.
وبالجملة : بعد مراجعة العرف والوجدان لا نجد إطلاق « الصلاة * على ركعتي المسافر إلاّ نحو إطلاقنا على ركعات الحاضر ، ولا إطلاقها على صلاة ناسي الفاتحة إلاّ نحو إطلاقها على قارئها وهكذا.
ثمّ لا نجد فرقا بين تاركها نسيانا وتاركها عمدا كما في المأموم ، بل التارك عصيانا.
نعم ربّما يسلب عنها الاسم لكشف الترك العمدي عصيانا عن عدم كونه ناويا من حين الدخول لعنوان الصلاة ، فإنّ قصد العنوان في كلّ فعل اختياري معتبر في الصدق ، كما لا يخفى.
ومنها : إنّه لا ريب في أنّ في الشرع ماهيّات مخترعة مطلوبة ، هي ذوات أجزاء وشروط ، قد تصدّى الشارع لبيانها ببيان أجزائها وشرائطها وأحكامها ، وحثّ في المواظبة عليها.
وظاهر إنّ هذه ليست إلاّ العبادات الصحيحة ، وحيث كان أسهل طرق التفهيم والتفاهم بتأدية الألفاظ ، مست الحاجة إلى نصب ألفاظ على تلك الماهيّات.