و « لا صلاة لمن لم يقم صلبه » و « لا صلاة إلاّ بطهور » (١) و « لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل » (٢) ونحو ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع ، فإنّ مفاد النفي في هذه الروايات إنّ ما لا فاتحة فيه ليس بصلاة ، وما لا قيام فيه ليس بصلاة ، وما لا طهور فيه ليس بصلاة ، وما لا عزم فيه من الليل ليس بصيام وهكذا.
وهذا يكفي في إثبات المطلب ، وإن كان مفاده الإيجاب الجزئي.
قلت : بعد الغضّ عن أنّه خلط بين التمسّك بصحّة السلب والاستناد إلى هذه الروايات مع أنّ ظاهرهم كون كلّ منهما حجّة مستقلّة ، إنّ إحراز صحّة السلب في نظر الشارع بهذه الروايات ونظائرها مبنيّ على كون النافية الواردة فيها مرادا بها نفي الماهيّة ، وهو وإن كان يساعد عليه أصل وضع هذه الكلمة ، لكنّه في خصوص المقام في حيّز المنع ـ لا لما قيل من حصول الوضع العرفي الثانوي في هذه الهيئات التركيبيّة الّتي مدخول « لا » فيها من الماهيّات المركّبة الجعليّة ، أو الحمل على النظائر في أخوات هذه التراكيب مثل « لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد » (٣) و « لا نكاح إلاّ بوليّ » و « لا عمل إلاّ بنيّة » أو لزوم الدور لو اريد إثبات كون الاسم للصحيحة بالحمل على إرادة الحقيقة المتوقّف على كونه للصحيحة ، أو لزوم التخصيص في أغلب الموارد. لعدم انتفاء الماهيّة في صورة نسيان الفاتحة أو عدم القدرة على قراءتها ، أو كون المصلّي مأموما وإنّ الصوم قد يصحّ مع عدم العزم عليه من الليل ، كما يستفاد أكثر هذه الوجوه من بعض الأعلام ـ بل لأنّ أصالة الحقيقة في لفظ وارد من المتكلّم لا تصلح أمارة للوضع في لفظ آخر مصاحب له ، مجهول حاله مردّد بين معنيين باعتبار جهالة وضعه ، مع العلم باعتماد المتكلّم في استعماله على أصالة الحقيقة فيه ، المردّدة بين كونها في جانب هذا
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٩ ح ١٤٤ ، الاستبصار ١ : ٥٥ ح ١٦٠ ، الوسائل ١ : ٢٥٦ أبواب الوضوء باب ١ ح ١.
(٢) سنن الدار قطني ٢ : ١٧٣ ، عوالي اللئالي ٣ : ١٣٣.
(٣) قوانين الاصول ١ : ٤٧.