ومنها : ما لا تعلّق له بالأحكام ، فلا يبقى إلاّ أقلّ قليل لم يعلم حاله باعتبار الوضع والمراد بشيء من الوجوه المذكورة ، فيلزم بانسداد باب العلم في ذلك انسداد بابه في قليل من الأحكام ، ولا يوجب ذلك بمجرّده ، تعيّن العمل بالظنّ ، لعدم كون الرجوع إلى الاصول ـ كلّ في مورده ـ مستتبعا لمحذور ، بل لو قيل بتعيّن العمل بالاحتياط حينئذ لم يلزم شيء ممّا يلزم على تقدير الانسداد الأغلبي ، ودليل الانسداد لا يتأتّى إلاّ في موضع لا يمكن فيه الاحتياط ، أو يوجب العسر والحرج.
وأمّا الثاني : فلأنّ المطلوب ، إثبات جواز العمل بالظنّ المتعلّق بأوضاع اللغات ، باعتبار أنّه بهذا العنوان مخرج عن الأصل المقتضي لمنع العمل بالظنّ مطلقا بالدليل ، والاستدلال لا يفيده ، فإنّ الظنّ المأخوذ في موضوع الأصل يندرج تحته أنواع ، كلّ نوع [ له ] عنوان خاصّ يتكلّم في خروجه عن الأصل وعدمه.
منها : الظنّ في الأحكام الشرعيّة الاصوليّة.
ومنها : الظنّ في الأحكام الشرعيّة الفرعيّة.
ومنها : الظنّ في الموضوعات الصرفة ، الّتي يعبّر عنها بالموضوعات الخارجيّة.
ومنها : الظنّ في الموضوعات المستنبطة ، باعتبار دلالاتها وتشخيص المرادات منها.
ومنها : الظنّ في الموضوعات المستنبطة باعتبار أوضاعها.
ولا ريب أنّ القائل بحجّية الظنّ في كلّ من هذه الأنواع يرجع كلامه إلى دعوى خروج العمل به بعنوانه الخاصّ عن الأصل المقتضي للمنع ، بالدليل المقتضي لكون الأصل الثانوي جواز العمل به مطلقا إلاّ ما خرج منه بالدليل ، فالمعتبر في حجّية كلّ نوع ، خروجه عن الأصل بعنوانه الخاصّ ، ولا يكفي فيه جواز العمل ببعض أفراد نوع معيّن من جهة الاضطرار إليه بوقوع التعبّد بنوع آخر على وجه يكون العمل به حاصلا على أنّه عمل به بعنوان هذا النوع المتعبّد به ، لا بعنوان النوع الّذي هو من أفراده ، فلو ثبت بالدليل مثلا جواز التعويل على الظنّ