فالجنس المقول على « الصلاة » مثلا هو فعل المكلّف بالمعنى اللغوي المتناول للحركة والسكون ، ولذا يقال ـ في تفسيرها ـ إنّها عبارة عن أكوان مخصوصة من الحركات والسكنات المعهودة ، وأجزائها حينئذ هي هذه الحركات والسكنات من التكبيرة والقيام والقراءة والركوع والسجود والطمأنينة في مواضع مخصوصة ، الّتي هي عبارة عن سكون الأعضاء ، وشرائطها هي الطهارة من الحدث والخبث والستر والاستقبال ، بمعنى كونه مستور العورة ومستقبل القبلة لا بمعناهما المصدري ، فإنّه بهذا الاعتبار غير قارّ بالذات فلا يصلح شرطا ، وإنّما هو مقدّمة لحصول الشرط الّذي هو الأثر الحاصل منه المقارن للعمل.
وإلى ما بيّنّاه من ضابط الفرق ينظر ما في كلامهم من أنّ جزء الشيء ما كان داخلا فيه وشرطه ما كان خارجا عنه ، بناء على أن ليس المراد بالدخول والخروج الحسّي منهما ، كما قد يسبق إلى بعض الأوهام ، بل الدخول والخروج العقليّين ، على معنى الدخول في الجنس والخروج عن الجنس.
وبهذا كلّه يندفع الشبهة الّتي أوردها بعض الأعلام ـ في جملة كلام له على القائل بالفرق في الصحّة والعموم بين الأجزاء والشرائط ـ بقوله : مع أنّ تحديد الشرط والجزء في غاية الإشكال.
ولعلّ نظر من فرّق بينهما إلى أنّ الشرط خارج عن الماهيّة والجزء داخل فيها.
وأنت خبير بأنّ الشرط أيضا قد يكون داخلا في الماهيّة ، فإنّ قولنا : الطمأنينة بمقدار الذكر شرط في صحّة الركوع ، في قوّة قولنا : يجب الكون الطويل بالمقدار المعلوم في حال الركوع.
وكما يمكن أن يقال : يجب الطمأنينة في القيام بعد الركوع ، يمكن أن يقال : يجب المقدار الزائد عن تحقّق طبيعة القيام بعد الركوع. انتهى (١).
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٥٩.