التخصيص والنسخ ، أو إنّ الكلام في علاج هذا التعارض من حيث إنّه واقع بين الأمرين مع قطع النظر عن احتمال آخر ، من غير فرق في ذلك بين تقدّم الخاصّ على العامّ كما لو قال : « لا تكرم زيدا العالم » ثمّ قال : « أكرم العلماء » أو تأخّره عن العامّ كما في المثال إذا قال : « لا تكرم زيدا العالم » بعد قوله : « أكرم العلماء ».
أمّا الأوّل : فمرجع التعارض فيه إلى دوران الأمر بين نسخ الخاصّ أو تخصيص العامّ ، على معنى تعدّد موردي المتعارضين ، وشرطه تأخّر ورود العامّ عن حضور وقت العمل بالخاصّ ، فيرجّح التخصيص لشيوعه وغلبة وقوعه ، مضافا إلى كون الخاصّ أظهر في دوام الحكم واستمراره من العامّ في العموم الأفرادي ، مع أنّ مرجع هذا التعارض ـ عند التحقيق ـ إلى تعارض ظهور واحد لظهورين ، ظهور كلّ من الخطابين في استمرار حكمه من بدو الشريعة إلى يوم القيام ، والقول بالنسخ طرح لكلا الظهورين كما لا يخفى ، بخلاف القول بالتخصيص فإنّه طرح لظهور العامّ في العموم الأفرادي ، وظاهر إنّ هذا الظهور لا يكافئ أحد الظهورين المذكورين فضلا عن كليهما ، فلا ينبغي طرحهما بظهور واحد.
وأمّا الثاني : فمرجع التعارض فيه إلى الدوران بين التخصيص والنسخ في العامّ على معنى وحدة مورديهما ، وشرطه اشتباه حال الخاصّ من حيث تأخّره عن حضور وقت العمل بالعامّ أو تقدّمه عليه ، فيرجّح التخصيص أيضا لعين ما ذكر ، ولا سيّما لزوم طرح ظهورين باختيار النسخ.
وأمّا مع العلم بتقدّم ورود الخاصّ على حضور وقت العمل بالعامّ ، كما لو علم بتقدّم ورود العامّ على حضور وقت العمل بالخاصّ ، فالمتعيّن فيه التخصيص لاستحالة النسخ حينئذ ، حذرا عن البداء المحال على الله تعالى.
وأمّا مع العلم بتأخّر الخاصّ عن حضور وقت العمل بالعامّ فربّما يشكل الحال بالنظر إلى بعض الصور ، فإنّه قد يكون بحيث علم من الخارج بكون تكليف السابقين المخاطبين بالعامّ ظاهرا وواقعا هو العمل بعموم العامّ ، ولا إشكال حينئذ في تعيّن النسخ.