لا يقال : منع دلالة الفعل بالوضع على النسبة الفاعليّة لا يجدي في حسم مادّة الإشكال بحذافيره ، لكفاية دلالته على النسبة الزمانيّة وهي النسبة بين الحدث والزمان من حيث وقوعه فيه في ورود نحوه ، لمنع كون الدلالة على هذه النسبة أيضا وضعيّة ، على معنى كون المأخوذ في وضع هيئة الفعل هو النسبة الزمانيّة بل القدر المسلّم ممّا اخذ في وضعها هو نفس الزمان ، ويلزم من الجمع بينه وبين الحدث المدلول بالمادّة الدلالة على اقتران الحدث بالزمان ، ويرجع ذلك إلى النسبة الزمانيّة على الوجه المذكور ، فالنسبة ليست بشيء من وجوهها داخلة في وضع الأفعال لينشأ منه الإشكال ، وانتظر لتتمّة الكلام في تحقيق هذا المقام ، فإنّه يأتي في مباحث المشتقّ إن شاء الله.
الأمر الرابع : هل الوضع في هيئات الأفعال للأزمنة الثلاثة من قبيل وضع الحروف والمبهمات أو لا؟وجهان :
توضيحه : أنّ ضرورة المحاورة قاضيّة بأنّ المستعمل في مثل « ضرب زيد » إنّما هو الهيئة الشخصيّة الموجودة فيه ، الّتي هي من جزئيّات نوع هذه الهيئة ، وإنّما يستعمل هذا الشخص من الهيئة في زمان خاصّ معيّن ، هو جزئي حقيقي مندرج تحت كلّي الزمان الماضي ، فهذا ممّا لا ينبغي الاسترابة فيه ، وحينئذ فيمكن أن يقال : إنّ الواضع تصوّر كلّي « الهيئة » وكلّي « الزمان » فوضع الأوّل للثاني ، ثمّ يتشخّص الأوّل في الاستعمال بخصوص المادّة ، والثاني بخصوص الحدث الواقع فيه ، فاستعمل الشخص الأوّل في الشخص الثاني ، أو أنّه تصوّر كلاّ من الكلّيين الة لملاحظة جزئيّاتهما اكتفاء بتصوّرها الإجمالي ، ثمّ وضع جزئيّات الأوّل لجزئيّات الثاني ، فيكون الوضع عامّا والموضوع له خاصّا ، كما أنّهما على الأوّل عامّان ، وكلّ من الوجهين وإن كان بحسب الاعتبار العقلي ممكنا إلاّ أنّه يمكن ترجيح ثانيهما بملاحظة ما ذكرناه من قضاء ضرورة المحاورة في « ضرب زيد » ونحوه ، بكون المستعمل شخص الهيئة وقد استعمل في شخص الزمان ، مع انضمام ظهور كلام أهل اللغة في إطباقهم على كون الاستعمال المفروض حقيقة بتقريب : أنّ الحقيقة