قلت : الفرق واضح بملاحظة ما سبق الإشارة إليه (١) فإنّ المسائل لكونها عبارة عن النسب الخبريّة الّتي يستدلّ عليها في الفنّ أخصّ مطلقا من النسب الخبريّة الشاملة للنسب العرفيّة الّتي لا يستدلّ عليها في الفنون ، فإذا أردنا من « الأحكام » النسب الخبريّة بهذا المعنى كانت مخرجة للنسب الّتي ليست بتلك المثابة ، فلا يكون القيد من جهته مستدركا ولا موجبا لاستدراك قيد اخر كما يظهر بالتأمّل ، ويعلم تفصيله فيما يأتي.
[١١] قوله : ( وخرج بالشرعيّة غيرها ، كالعقليّة المحضة ، واللغويّة ... الخ )
والمراد باللغويّة ما يعمّ النحويّة وغيرها من العلوم العرفيّة ، فإنّها وإن كانت أحكاما بمعنى المسائل غير أنّها ليست شرعيّة ، بناء على أنّ المراد بالشرعيّة ما ينتسب إلى الشارع من جهة الجعل أو الأخذ ، أو ما ينتسب إلى طريقتة المختصّة به على التفصيل المتقدّم (٢) لعدم كون هذه المسائل من مجعولات الشارع ، ولا مأخوذة منه ، ولا من شأنها أن تؤخذ منه ، ولا من الطريقة المختصّة به.
وقضيّة الوجهين الأخيرين بقاء الوضعيّات بأسرها مندرجة في قيد « الشرعيّة » كما أنّها مندرجة في قيد « الأحكام » فإنّها أيضا امور مأخوذة من الشارع لاستفادتها من خطاباته أو من القواعد المتلقّاة منه ، بناء على أنّ الأخذ في مفهوم الحكم الشرعي يعمّ جميع جهات الاستفادة ، من المطابقة والتضمّن والالتزام حتّى ما كان منها من باب الإشارة.
ولا ريب أنّ الأخذ بهذا المعنى موجود في الوضعيّات أيضا ، كما أنّها من الطريقة المختصّة بالشارع ، لأنّها على ما سنفصّله عبارة عن مجموع امور تثبت بجعل الشارع وإمضائه وكشفه عن الواقع ، والوضعيّات غير خالية عن بعض هذه الجهات.
ويمكن أن تكون عبارة عمّا يصدق على كلّ من الجهات المتحقّقة فيما بين
__________________
(١) تقدّم في التعليقة الرقم ٥ ، الصفحة : ٤٧.
(٢) تقدّم في التعليقة الرقم ٦.