لها وجودا وعدما في دلالته التصوّريّة على المعنى المجازي ، وإن اريد به دلالته التصديقيّة عليه ـ كما هو ظاهر لفظ « الحمل » ـ فعدم القرينة بمعنى تجرّد اللفظ عنها جزء للمقتضي.
ومنها : تحقيق الحال في المسألة المعنونة ، بأنّ الدلالة تتبع الإرادة أو الوضع وبعبارة اخرى : أنّ الإرادة هل لها مدخليّة في الدلالة شطرا أو شرطا أو لا مدخليّة لها فيها أصلا ، فإنّ « الدلالة » إن اريد بها الفهم التصوّري فمدخليّة الإرادة فيها غير معقولة ، وإن اريد بها الفهم التصديقي فعدم مدخليّة الإرادة فيها غير معقول ، ضرورة أنّها متعلّقة للتصديق الّذي لا يعقل بدون المتعلّق ، وينهض ذلك نحو محاكمة بين الفريقين ، بل لا يبعد القول بعود النزاع بينهما لفظيّا بدعوى : أنّ أهل القول بمدخليّة الإرادة إنّما يدّعون المدخليّة فيما لا ينبغي لأحد إنكار مدخليّتها فيه وهو الفهم التصديقي ، كما أنّ أهل القول بنفي المدخليّة أيضا يدّعونه فيما لا ينبغي لأحد إنكار عدم مدخليّتها فيه وهو الفهم التصوّري ، المتعلّق بذات المعنى ، بل التأمّل في كلمات الطرفين بعين الدقّة ممّا يعطي الجزم بذلك.
ألا ترى أنّ الفريق الأوّل يفسّرون « الدلالة » بفهم المعنى من اللفظ على أنّه مراد للمتكلّم ، ولا يعقل له معنى محصّل إلاّ التصديق بكونه مرادا ، وفي معناه الحكم بكونه مرادا على معنى ترتيب اثار الإرادة ، بناء على حجّية أصالة الحقيقة تعبّدا إذا لم يستتبع إذعانا بإرادة المعنى الحقيقي.
وعلى التفسير المذكور ينطبق عبارة المحقّق الطوسي ـ المحكيّة في شرح منطق التجريد للعلاّمة ـ القائلة : « بأنّ اللفظ لا يدلّ بذاته على معناه ، بل باعتبار الإرادة والقصد ، واللفظ حين يراد منه معناه المطابقي لا يراد منه معناه التضمّني ، فهو إنّما يدلّ على معنى واحد لا غير ». انتهى.
بناء على أنّ مراده « بذات اللفظ » ما لو اخذ لا بشرط كونه مرادا ومقصودا به المعنى ، فالمراد به باعتبار الإرادة والقصد هو اللفظ من حيث إنّه اريد وقصد منه معناه.