التكليفيّات وماهيّات العبادات والمعاملات صدق الكلّي على أفراده ، كما يظهر بأدنى تأمّل فيما بيّنّاه سابقا (١) وكذلك على الوجه الأوّل إن قلنا بكون الوضعيّات من مجعولات الشارع.
وأمّا على القول الاخر مع القول بكونها من الأحكام الشرعيّة ، فيشكل اعتبار هذا الوجه ويتعيّن إرادة أحد الوجهين الأخيرين.
وهل تخرج مسائل اصول الفقه بقيد « الشرعيّة » بعد ما كانت مندرجة في قيد « الأحكام » أو لا؟
تحقيقه مبنيّ على اندراجه في الحكم الشرعي بأحد المعنيين المذكورين وعدمه ، والظاهر أنّ ذلك يختلف باختلاف مسائل هذا العلم ، فمثل مباحث الأوامر والنواهي وغيرها من مشتركات الكتاب والسنّة خارجة عنه بكلا المعنيين ، إذ لا مدخل للشرع فيها ، بل هي أحكام لغويّة تؤخذ من العرف واللغة ، وكذلك من المسائل ما يعدّ من المبادئ اللغويّة كمباحث الحقيقة والمجاز والاشتراك والمشتقّ وتعارض الأحوال ونحوها ، كما أنّ مباحث الحجّية بأسرها كججيّة الكتاب وخبر الواحد والإجماع المنقول وغيرها داخلة فيه ، فلا تخرج بقيد « الشرعية » سواء اريد بالحجّية وجوب العمل بها أو كونها وسطا ، على معنى كونها طريقا إلى معرفة الحكم الشرعي ، فإنّ بيان كلّ ذلك من وظيفة الشارع ، كما أنّ الكلّ من جملة طريقته المختصّة به.
وليس من هذا الباب ما يضاف من الحجّية إلى العامّ المخصّص ، ومفهوم الشرط وغيره ممّا يندرج في المشتركات ، بناء على أنّ المراد بالحجّية هنا وجود مناط الحجّية وهو الظهور والدلالة.
ومع التنزّل عن ذلك فيراد بالحجّية هنا ما من شأنه أن يؤخذ من العرف ، وهو وجوب الالتزام بظواهر الألفاظ في المحاورات ، ومثل مباحث الحجّية المباحث المتعلّقة بالاصول الأربع المعروفة كأصل البراءة ونحوها.
__________________
(١) تقدّم في التعليقة الرقم ٦ ، الصفحة : ٥٠.