ولا فرق بين كون الناظر مسلما أو كافرا ، عاقلا أو مجنونا ، بالغا أو غير بالغ إذا كان مميّزا ، أمّا غير المميّز بحيث لا يميّز العورة عن غيرها فلا يجب التستّر عنه ظاهرا ، بل ولا يحرم النظر إلى عورته أيضا وإن ستر العورة ؛ لعدم وضوح شمول الأدلة الثلاثة.
وفي المرفوعة : « لا يدخل الرجل مع ابنه الحمّام فينظر إلى عورته » (١).
وهي مع ضعفها لا دلالة فيها على المدّعى ؛ ولقيام السيرة المعلومة على عدم التحرّز عن النظر إلى عورة الأطفال الصغار ، ولحاجتهم إلى مباشرة الأمّهات والمربّيات لاستنجائهم وإزالة النجاسات والقذارات عنهم ، ويتعسّر ذلك كثيرا من دون النظر.
والأحوط الاجتناب إذا زاد سنّهم عن الثلاث والأربع.
وفي جواز النظر إلى عورة المميّز أيضا وجه ؛ لاختصاص كثير من الأخبار بالمؤمن.
والأقوى خلافه لما عرفت من الإطلاقات.
ويقوى عدم وجوب الستر عن المجنون أيضا إذا لم يميّز العورة عن غيرها لعدم ظهور شمول الأدلة لمثله ، أمّا النظر إلى عورته فالظاهر المنع فيه ؛ لما عرفت.
ثمّ إنّ الواجب هو ستر جسم العورة بحيث يمنع من مشاهدة لونها وإن ظهر الحجم. ولا فرق بين سترها بالنبات أو الطين أو النورة أو اليد أو غيرها.
وعن أبي جعفر عليهالسلام : أنّه دخل الحمّام فتنوّر فالقي عنه المئزر. فقيل له في ذلك؟ فقال عليهالسلام : « أما علمت أنّ النورة قد يستر العورة؟! » (٢).
ونحوها الظلمة المانعة من الرؤية ، وكذا البعد.
ولو منعا عن رؤية اللون دون الحجم قوي المنع ؛ لصدق رؤية الجسم معه ، وظاهر الأدلّة المنع عنه.
نعم ، إذا لم ير منه سوى الشبح من دون تشخيصها بوجه قوي (٣) الجواز.
__________________
(١) الكافي ٦ / ٥٠١ ، باب الحمام ، ح ٢٣.
(٢) الكافي ٦ / ٥٠٢ ، باب الحمام ، ح ٣٥ باختلاف.
(٣) في ( ألف ) : « نفي ».