سورة الكهف ومريم وطه والأنبياء عليهمالسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
حدثنا .. يموت باسناده عن ابن عباس انهن نزلن بمكة .. ثم لم نجد فيهن مما يدخل في هذا الكتاب الا موضعا واحدا قال الله عز وجل ( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ) (١) .. جماعة من الكوفيين يذهبون الى أن هذا الحكم منسوخ فان البهائم اذا أفسدت زرعا في ليل أو نهار أنه لا يلزم صاحبها شيء وان كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد حكم بغير هذا فخالفوا حكمه وزعموا انه منسوخ بقوله عليه الصلاة والسلام العجماء جبار .. ومنهم من يقول في الحديث العجماء جرحها جبار والعجماء البهيمة وأصله أنه يقال رجل أعجم وامرأة عجماء اذا كانا لا يفصحان في الكلام ويقال انه ما تقدم أبا حنيفة أحد بهذا القول حتى قال بعض العلماء هذا الحكم أصله من كتاب الله تعالى وقد حكم به ثلاثة من الأنبياء فلا تجوز مخالفته بتأويل .. [ قال أبو جعفر ] وسنبيّن ذلك من الآية ومن حكم الأنبياء عليهمالسلام .. قال الله عز وجل ( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ ) أي واذكر داود وسليمان ( إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ) .. قال قتادة كان نبتا .. وعن ابن مسعود كان الحرث كرما قد أنبت عناقيده ( إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) والنفش في كلام العرب لا يكون الا بالليل أي دخلت الغنم بالليل في حرث القوم الذين ليسوا أصحابها فأفسدت العنب وأكلته ( وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ ) أي لم يغب عنا ذلك ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ) أي القصة .. قال ابن عباس دخلت الغنم فأفسدت الكرم فاختصموا الى داود فقضى بالغنم لصاحب الكرم لأن ثمنها قريبا منه فمروا على سليمان فأخبروه فقال كان غيره أرفق بالجميع فدخل صاحب الغنم فأخبر داود فقال لسليمان كيف الحكم عندك؟ قال يا نبي الله تدفع الغنم الى صاحب الحرث فيصيب من ألبانها وأصوافها وأولادها ويدفع الكرم الى صاحب الغنم يقوم به حتى ترجع الى حاله فاذا رجع الى حاله سلّم الكرم الى صاحبه والغنم الى صاحبها فقال الله تعالى ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ) .. [ قال أبو جعفر ] ثم رجعنا الى ما حكم به رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما قرئ .. على أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب عن القاسم بن زكرياء بن دينار قال حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن اسماعيل بن أمية وعبد الله بن عيسى عن الزهري عن حرام بن محيصة عن البراء
__________________
(١) سورة : الأنبياء ، الآيتان : ( ٧٨ ـ ٧٩ ).