والأوّل أصح لأنّه لمّا ذكر عفو النّساء عن نصيبهنّ اقتضى أن يكون « الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ » وليّا لهنّ ليكون العفو في الجهتين واحدا ولأنّه بدأ بخطاب الأزواج على المواجهة بقوله « وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ » ثمّ قال « يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي » وهما خطاب لغير حاضر ، فيتغايران.
ويتفرّع على قولنا فروع :
١ ـ أنّ الزوجة لها العفو عن كلّ حقّها ، وأمّا وليّها فليس له العفو إلّا عن بعضه لا غير.
٢ ـ حيث جاز للوليّ العفو عن بعض حقّها ، فهل له إنكاحها ابتداء بدون مهر مثلها قيل لا ، فلو زوّجها بدون مهر المثل صحّ النّكاح وفسد المسمّى ، ويكون بمنزلة من لم يسمّ لها ، لأنّ معاوضات المولّى عليه يشترط في فعلها مساواة العوض وإذا فسد المسمى ثبت لها مهر المثل بنفس العقد.
وقيل : له ذلك ، لأنّه كما جاز له أن يعفو عن بعض ما وجب لها ، جاز له في الابتداء قبل الوجوب ، ولأنّه منصوب لنظر المصلحة ، فجاز أن يرى في ذلك مصلحة ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله زوّج بنته بخمسمائة درهم (١) ومعلوم أنّ مهر بنته لا يكون هذا القدر.
وفي هذا نظر لأنّ نظر النّبوّة يقيني ولأنّه « أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » ولأنّه جاز أن يكون باذنها ، وأيضا فإنّه إذا فسد المسمّى ثبت مهر المثل ، وهو لا يتجاوز مهر السنّة وهذا مهر السنّة ، والأصحّ أنه إن تعلّق بذلك مصلحة عائدة إليها جاز وإلّا فلا.
٣ ـ في الآية دلالة على ثبوت الولاية في النكاح على المرأة أصالة لقوله « بِيَدِهِ » أي في ملكه لأنّ اليد تدل على الملك عرفا ، وهذا من المجملات الّتي بينها السنّة الشريفة فعند أصحابنا ناقلين عن أئمتهم عليهمالسلام أنّ الولاية أربعة أقسام :
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٧٦ باب السنة في المهور الرقم ٦ ، والمراد سائر بناته لا فاطمة الزهراء ، فإنها زوجت على درع حطمية يسوى ثلاثين درهما.