وإن قمت ـ أيّها القارئ النبيه ـ بالجمع بين كلامه عليهالسلام هذا وبين ما تقدّم من أحاديث نبوية في هذه الفقرة ، سيتّضح لك الأمر جلياً في الموضوع لا غطش فيه (١).
ولا أدري لِمَ يستكثر الدليمي علىٰ أئمّة أهل البيت عليهمالسلام أن يكونوا حجج الله تعالىٰ علىٰ خلقه ، وهم عِدل القرآن الكريم ، كما نصّ علىٰ ذلك حديث الثقلين المتواتر المشهور ، بعد أن استساغ لقومه وعلماء مذهبه أن يطلقوا هذا اللفظ « حجّة الله » علىٰ مَن هو دونهم في العلم والفضل ولا نصّ فيهم ، كـ : مالك بن أنس الأصبحي ، وأبي عليّ الثقفي ، وأبي إسحاق الشيرازي ، وغيرهم ..
قال ابن حجر في التهذيب : قال حرملة : عن الشافعي ، قال : مالك حجّة الله تعالىٰ علىٰ خلقه بعد التابعين (٢).
ويروي الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي العبّاس الزاهد قوله : كان أبو عليّ ( الثقفي ) في عصره حجّة الله علىٰ خلقه (٣) ..
ويروي كذلك عن أبي بكر الشاشي قوله : أبو إسحاق ( الشيرازي ) حجّة الله علىٰ أئمّة العصر (٤).
ومع هذا ، فإنّك لو سألت الدليمي هنا ـ وهو الّذي كان قد تساءل متعجّباً ، وربّما متهكّماً : فلماذا يوصف غير الأنبياء عليهمالسلام بأنّهم : حجج الله ؟ ـ وقلت له : بماذا سيحتجّ الله عزّ وجلّ علىٰ الفرق المختلفة من المسلمين
__________________
(١) الغطش : الظلمة ; الصحاح ـ للجوهري ـ ٢ / ١٠١٣ ، لسان العرب ٦ / ٣٢٤.
(٢) تهذيب التهذيب ١٠ / ٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٨٢.
(٤) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٥٥.