واعلم أنّ هذا خلاف نصّ الكتاب ; لأنّه تعالىٰ قال : ( إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ) (١).
وقال : ( أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) (٢).
وقال في إبليس : ( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ ) (٣).
وقال : ( مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا ) (٤).
وفي كتاب الله العزيز من ذلك الكثير الواسع ..
وكيف يجوز للمسلم أن ينكر التبرّي ممّن يجب التبرّي منه ؟
ألم يسمع هؤلاء قول الله تعالىٰ : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَٰهِيمَ وَلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَٰؤُا مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ للهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ لْعَدَٰوَةُ وَلْبَغْضَآءُ أَبَدًا ) (٥)؟!
وإنّما يجب النظر في مَن اشتبهت حاله ; فإن كان قد قارف كبيرة من الذنوب يستحقّ به اللعن والبراءة ، فلا ضير علىٰ مَن يلعنه ويبرأ منه ، وإن لم يكن قد قارف كبيرة لم يجز لعنه ولا البراءة منه ، وممّا يدلّ علىٰ أنّ مَن عليه اسم الإسلام إذا ارتكب الكبيرة يجوز لعنه بل يجب في وقت ، قول الله تعالىٰ : ( فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَلْخَٰمِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ للهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ لْكَٰذِبِينَ ) (٦).
وقال تعالىٰ في القذف : ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآية ٦٤.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٥٩.
(٣) سورة ص : الآية ٧٨.
(٤) سورة الأحزاب : الآية ٦١.
(٥) سورة الممتحنة : الآية ٤.
(٦) سورة النور : الآيتان ٦ و ٧.