فمَن تأمّل هذا الحديث يجد أنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم طلب من عشيرته الأقربين ، بأمر الله تعالىٰ ، الاعتراف بالتوحيد لله تعالىٰ ، ثمّ الاعتراف برسالته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ أمرهم بالسمع والطاعة لأخيه ووصيّه وخليفته عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وهذا هو معنىٰ التشيّع لعليّ عليهالسلام الّذي نصّ عليه أرباب اللغة (١).
فالمستفاد من هذا الحديث أنّ بذرة التشيّع لعليّ عليهالسلام وضعت مع بذرة الإسلام في يوم واحد وساعة واحدة ، فالصحابة الّذين كانوا ممتثلين لجميع ما أمر به الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا شيعة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وشيعة لعليّ عليهالسلام في آن واحد ، سواء سُمّوا بذلك أو لم يُسمّوا ، وقد سُمّي بذلك جماعة من الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ وذلك لِما كانوا يجهرون به من متابعة عليّ عليهالسلام ومطاوعته ، منهم : سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وغيرهم.
وقد ذكر ذلك : أبو حاتم سهل بن محمّد السجستاني ـ المتوفّىٰ سنة ٢٠٥ هـ ـ في كتابه : الزينة / ج ٣ باب : الألفاظ المتداولة بين أهل العلم ; فقال : أوّل اسم ظهر في الإسلام علىٰ عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو : الشيعة ،
__________________
وأخرجه بهذا المعنىٰ مع تقارب الألفاظ غير واحد من جهابذة الحديث عند أهل السُنّة.
وسيأتي عند الحديث عن سنده وشواهده ـ في ص ١٣٠ ـ أنّ رجال السند والشواهد من رجال الصحاح ومن الثقات المعتبرين عند أئمّة الحديث.
(١) قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط ٣ / ٤٩ : شيعة الرجل ـ بالكسر ـ : أتباعه وأنصاره ، ويقع علىٰ الواحد والاثنين والجمع والمذكّر والمؤنّث ، وقد غلب هذا الاسم علىٰ من يتولّىٰ عليّاً وأهل بيته حتّىٰ صار اسماً خاصّاً لهم. انتهىٰ.
وقال الزبيدي في تاج العروس ٥ / ٤٠٥ : كلّ قوم اجتمعوا علىٰ أمر فهم شيعة ، وكلّ مَن عاون إنساناً وتحزّب له فهو شيعة ؛ فإذا قيل : فلان من الشيعة ، عُرف أنّه منهم ... وأصل ذلك من المشايعة ، وهي : المطاوعة والمتابعة. انتهىٰ.