فقد رغب عن ملته ، قال الله عزوجل : « ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه » (١) ثم اصطفاء الله عزوجل إياه في الدنيا ثم شهادته له في العاقبة (٢) أنه من الصالحين في قوله عزوجل : « ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين (٣) » والصالحون هم النبي والأئمة صلوات الله عليهم ، الآخذين (٤) عن الله أمره ونهيه ، والملتمسين للصلاح من عنده ، والمجتنبين للرأي والقياس في دينه في قوله عزوجل : « إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (٥) » ، ثم اقتداء من بعده من الأنبياء عليهمالسلام به في قوله : « ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (٦) » وفي قوله عزوجل لنبيه صلىاللهعليهوآله : « ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (٧) » وفي قوله عزوجل : « ملة أبيكم إبراهيم هو سميكم المسلمين من قبل (٨) » واشتراط كلمات الامام مأخوذة (٩) مما تحتاج إليه الأمة من جهة مصالح الدنيا والآخرة وقول إبراهيم عليهالسلام : « ومن ذريتي (١٠) » « من » حرف تبعيض ليعلم أن من الذرية من يستحق الإمامة ومنهم من لا يستحقها هذا من جملة المسلمين وذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم بالإمامة للكافر [ أ ] وللمسلم الذي ليس بمعصوم ، فصح أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين ، والخواص إنما صاروا خواصا بالبعد من الكفر ، ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص أخص (١١) ، ثم المعصوم هو الخاص الأخص ولو كان للتخصيص
__________________
(١) البقرة : ١٢٩.
(٢) في بعض النسخ [ الآخرة ].
(٣) البقرة : ١٢٩.
(٤) كذا في جميع النسخ التي بأيدينا وهو منصوب على المدح وكذا « الملتمسين » و « المجتنبين ». ( م )
(٥) البقرة : ١٢٥.
(٦) البقرة : ١٢٦.
(٧) : النحل : ١٢٤. قوله : « حنيفا » أي مستقيم الطريقة في الدعا إلى التوحيد.
(٨) الحج : ٧٧. قوله : « من قبل » أي قبل نزول القرآن.
(٩) في بعض النسخ [ أشراط كلمات الامام مأخوذة ]. وزاد هنا في الخصال ج ١ ص ١٤٨ « من جهته ».
(١٠) البقرة : ١١٨.
(١١) في بعض النسخ [ الأخص ].