الله وجعل له ولغيره من أنبيائه لسان صدق في الآخرين وهو علي بن أبي طالب عليهالسلام و ذلك قوله : « وجعلنا لهم لسان صدق عليا (١) » ، والمحنة في النفس حين جعل في المنجنيق وقدف به في النار ، ثم المحنة في الولد حين أمر بذبح ابنه إسماعيل ، ثم المحنة بالأهل حين خلص الله حرمته من عرارة القطبي في الخبر المذكور في هذه القصة (٢) ، ثم الصبر على سوء خلق سارة ، ثم استقصار (٣) النفس في الطاعة في قوله : « ولا تخزني يوم يبعثون (٤) » ثم النزاهة في قوله عزوجل : « ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين (٥) » ، ثم الجمع لأشراط (٦) الكلمات في قوله : « إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (٧) » فقد جمع في قوله : « محياي ومماتي لله » جميع أشراط الطاعات كلها حتى لا يعزب عنها عازبة (٨) ولا يغيب عن معانيها غائبة ، ثم استجاب الله عزوجل دعوته حين قال : « رب أرني كيف تحيي الموتى (٩) » وهذه آية متشابهة معناها : أنه سأل عن الكيفية ، والكيفية من فعل الله عزوجل متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب ولا عرض في توحيده نقص ، فقال الله عز وجل : « أولم تؤمن قال بلى (٩) » هذا شرط عام من آمن به متى سئل واحد منهم « أولم تؤمن »؟ وجب أن يقول : « بلى » كما قال إبراهيم ، ولما قال الله عزوجل لجميع أرواح بني آدم : « ألست بربكم قالوا بلى (١٠) » كان أول من قال « بلى » محمد صلىاللهعليهوآله فصار بسبقه إلى « بلى » سيد الأولين والآخرين ، وأفضل النبيين والمرسلين. فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم
__________________
(١) مريم : ٥١.
(٢) القصة مذكورة في روضة الكافي ص ٣٧١ فمن أراد الاطلاع فليراجع هناك ، وعرارة اسم ذلك القبطي.
(٣) في بعض النسخ [ استقامة النفس ]. وفى بعضها [ الاستقصاء ].
(٤) الشعراء : ٨٧.
(٥) آل عمران : ٦٧.
(٦) في بعض النسخ [ لاشتراط ].
(٧) الانعام : ١٦٣.
(٨) أي لا يخفى عنه شئ وعزب أي بعد وغاب وخفى.
(٩) البقرة : ٢٦٢.
(١٠) الأعراف : ١٧١.