الشاهدين * وتا الله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون (١) » ومقاومة الرجل الواحد الوفا من أعداء الله عزوجل تمام الشجاعة ، ثم الحلم مضمن معناه في قوله عزوجل : « إن إبراهيم لحليم أواه منيب (٢) » ثم السخاء وبيانه في حديث ضيف إبراهيم المكرمين ، ثم العزلة عن أهل البيت والعشيرة مضمن معناه في قوله : « وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ـ الآية ـ » (٣) ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بيان ذلك في قوله عزوجل : « يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا (٤) » ودفع السيئة بالحسنة وذلك لما قال له أبوه : « أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا (٥) » فقال في جواب أبيه : « سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا (٦) » والتوكل بيان ذلك في قوله : « الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين (٧) » ، ثم الحكم والانتماء إلى الصالحين في قوله : « رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين (٨) » يعني بالصالحين الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عزوجل ولا يحكمون بالآراء والمقائس حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق بيان ذلك في قوله : « واجعل لي لسان صدق في الآخرين (٨) » أراد في هذه الأمة الفاضلة فأجابه
__________________
(١) الأنبياء : ٥٣ إلى ٥٩. والجذاذ من الجذ وهو القطع.
(٢) هود : ٧٧.
(٣) مريم : ٤٩.
(٤) مريم : ٤٣ إلى ٤٦. وقوله : « أهدك صراطا سويا » أي أوضح لك طريقا مستقيما معتدلا غير جائر بك عن الحق إلى الضلال.
(٥) مريم : ٤٧. أي لئن لم تمتنع عن هذا لأرجمنك بالحجارة أو لأرمينك بالذنب والعيب أو لأشتمنك أو لأقتلنك. « فاهجرني » أي فارقني دهرا.
(٦) مريم : ٤٦. وقوله : « حفيا » أي بارا لطيفا.
(٧) الشعراء : ٧٨ إلى ٨٢
(٨) الشعراء : ٨٣ ، ٨٤.