التي تناسبها.
ولذلك لابدّ أن يكون الإنسان مستعدّاً لتلقّي هذا الغيث ، وهذه الرحمة الإلهية ، ومن أعظم ما يجعل الإنسان يستفيد من القرآن الكريم ، والاعتقاد بأنّ آياته تنفعه ، هو طرد الوساوس الشيطانية عن نفسه والتي توحي له بأنّ هذه الآيات لا تنفعه ، وأنّها خاصّة بالمؤمنين ، أو بأصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وبناءً على ذلك فلا علاقة لنا بالقرآن!
في حين أنّ الآيات القرآنية حتّى ولو تحدّثت عن المشركين ، فإنّها تتحدّث عن السنن الإلهية العامّة التي يخضع لها المشركون باعتبارهم بشر يخضعون لها ، ولذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى عندما يتحدّث عن المشركين الذين جابهوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أمرهم بعبادة إلهٍ واحدٍ فإنّه قال عن لسانهم : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) (١).
وهذه المعارضة لم تكن معارضة شاذّة ؛ أي أنّها لم تكن نابعة من المناخ الذي كان سائداً في مكّة آنذاك ، بل إنّها من طبيعة الإنسان ، ومن انحراف فطرته نتيجة الوسوسة ، فالإنسان يبقى هو الإنسان ، ,الإنسان المكّي في زمن الجاهلية هو الإنسان اليوم في بلاد الإسلام ، فهو يتأثّر بنفس المؤثّرات ، فنحن أيضاً يمكن أن نتّخذ آلهة متعددة ونقول : كيف تكون الآلهة في مصلحة إله واحدٍ؟
ونحن إذا استطعنا أن نفهم القرآن بشكل كامل فإنّه سيكون بالفعل علاجاً لأمراض قلوبنا ، وشفاء لما في صدورنا ، فكلّ واحد منّا يقرأ القرآن ، ويطبّق آياته الكريمة على نفسه وعلى واقعه ومجتمعه ، فسوف يظفر بالسعادة
__________________
١ ـ ص (٣٨) : ٥ ـ ٦.