في تقويم الروايات
والنقولات ، ما فتح أبواب الاختلاف في قضايا التاريخ على مصراعيها.
وإذا كان الاختلاف طبيعياً ومشروعاً في
كلّ تلك الأبعاد الفكرية والتشريعية والتاريخية وسائر مجالات المعرفة.
فإنّ من غير الطبيعي تركيز الاهتمام على
الاختلاف في المسائل الثانوية ، والقضايا الجانبية ، على حساب ما هو أهمّ من قضايا
الدين ، ومصلحة الأُمّة ، حيث نلاحظ نشوب كثير من معارك الخلاف على مسائل ليست ذات
أولوية ، ينشغل بها الوسط العلمي الديني ، وتنقسم على أساسها المجتمعات ، بين
مؤيدّ لهذا الرأي أو ذاك.
وبذلك تتزيّف الاهتمامات ، وتضيع
الأولويات.
ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم أصحابه أن يخوضوا في أبحاث جدلية كلامية ، تشغلهم عن مهمّة تركيز الإسلام ، وحماية
الدعوة ، التي كانت تواجه مؤامرات المشركين واليهود آنذاك ، كما جاء في سنن ابن
ماجة : عن عمر وابن شعيب عن أبيه عن جده قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم على أصحابه ، وهم يختصمون في القدر ، فكأنّما يفقأ في وجهه حبّ الرّمان من
الغضب ، فقال : بهذا أمرتم؟! أو لهذا خلقتم؟! تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت
الأُمم من قبلكم .
ومرّة سأل أبو أحمد الخراساني الإمام
موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليه السلام : قال له : الكفر أقدم أم الشرك؟ فردّه
الإمام ، قائلاً : مالك ولهذا ؟
__________________