مرور مائة سنة على طمسها ومنعها ، نرى الحاكم الأموي المعتدل والذي ألحقه « أهل السنّة » بالخلفاء الراشدين ، يأمرُ بجمع سنّة رسول الله وسنّة عمر بن الخطّاب ، وكأنّ عمر بن الخطّاب شريك محمّد في رسالته ونبوّته!!
ولماذا لم يطلب عمر بن عبد العزيز من أئمّة أهل البيت الذين عاصرهم أن يعطوه نسخة من الصحيفة الجامعة؟! ولماذا لم يكلّفهم هم بجمع الأحاديث النبويّة ، فهم أعلم بحديث جدّهم من غيرهم؟!
فالمحقّقون والباحثون يعرفون سرّ ذلك.
وهل يحصل الاطمئنان إلى تلك الأحاديث التي جمعها « أهل السنّة والجماعة » من بني أُميّة وأعوانهم الذين يمثّلون خلافة قريش ، وقد عرفنا حقيقة قريش وعقيدتها في رسول الله وسنّته المطهّرة؟
ويبقى واضحاً بعد هذا بأنّ السلطة الحاكمة وعلى مرّ عصور الخلافة عملت بالاجتهاد والقياس ومشاورة بعضهم.
وبما أنّ السلطة قد أقصت الإمام علياً عن مسرح الحياة وأهملته ، فلم يكن لها عليه من سلطان لحرق ما كتبه في عهد الرسالة بإملاء النبيّ نفسه.
وبقي علي بن أبي طالب يحتفظ بتلك الصحيفة التي جمع فيها كلّ ما يحتاجه الناس حتّى أرش الخدش ، ولمّا تولّى الخلافة كان يُعلّقها على سيفه ، ويصعد على المنبر ليخطُب في الناس ويُعرّفهم بأهمّيتها.
وقد تواترت الأخبار عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام بأنّهم توارثوا تلك الصحيفة أباً عن جدّ وكابراً عن كابر ، وكانوا يفتون بها في المسائل التي يحتاجها معاصروهم ممّن اقتدوا بهديهم.