أُريد بهذه القسمة وجه الله » (١) ، أو كقول عائشة للنبي : « إن ربّك يسارع في هواك » (٢) ، أو قولها له : « أقصد » إلى غير ذلك من العبارات النابية التي تُعربُ عن شكّهم في عصمته واعتقادهم بأنّه يحيف ويظلم ويخطئ ويكذب والعياذ بالله.
فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم صاحب الخلق العظيم رؤوفاً رحيماً ، كثيراً ما يزيح تلك الشبهات بقوله مرّة : « ما أنا إلاّ عبد مأمور » (٣) ، ومرة يقول : « إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له » (٤) ، وأخرى يقول : « والذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ الحقّ » (٥) ، وكثيراً ما كان يقول : « رحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر » (٦).
فلم تكن هذه الكلمات النابية التي تطعن في عصمته وتشكّك في نبوته صادرة عن أُناس متروكين أو عن المنافقين ، ولكنّها مع الأسف صدرت عن عظماء الصحابة ، وعن أُمّ المؤمنين ، والذين هم عند « أهل السنّة والجماعة » قدوة وأُسوة حسنة ، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
وممّا يزيدنا يقينا بأنّ حديث « لا تكتبوا عنّي » هو حديث موضوع لا
__________________
١ ـ قاله صحابي من الأنصار للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخرجه البخاري ٥ : ١٠٦ ( كتاب المغازي ، باب غزوة الطائف ).
٢ ـ صحيح البخاري ٦ : ٢٤ ، ١٢٨ ( كتاب التفسير ، تفسير سورة الأحزاب ).
٣ ـ المعجم الكبير ١٢ : ١١٤.
٤ ـ صحيح البخاري ٦ : ١١٦ ( كتاب النكاح ، الترغيب في النكاح ).
٥ ـ مسند أحمد ٢ : ١٦٢ وصرّح محقّق الكتاب العلاّمة أحمد محمّد شاكر بصّحته.
٦ ـ مسند أحمد ١ : ٣٨٠ ، صحيح البخاري ٤ : ٦١ ( كتاب الجهاد والسير ، باب ما كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يعطي المؤلّفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ).