النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما ذكر له عبد الله بن عمرو نهي قريش وما قالوه في شأنه فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« أكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ الحقّ » ـ إشارة إلى فمه ـ لدليل آخر على علم الرسول بشكّهم في عدالته ، وأنّهم يجوّزون عليه الخطأ وقول الباطل ، فأقسم بالله بأنّه لا يخرج من فمه إلاّ الحقّ.
وهذا هو التفسير الصحيح لما جاء في قوله سبحانه وتعالى :
( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (١).
وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم معصوم عن الخطأ وقول الباطل ، وبهذا فإنّنا نجزم بأنّ كلّ الأحاديث والروايات التي وضعت في زمن الأمويين ، والتي يستفاد منها بأنّه غير معصوم لا يصح شيء منها ، كما أنّ الحديث المذكور يشعرنا بأنّ تأثيرهم على عبد الله بن عمرو كان كبيراً حتى أمسك عن الكتابة ، كما صرّح هو بنفسه إذ قال : « فأمسكت عن الكتابة » وبقي على ذلك إلى أن جاءتْ مناسبة تدخّل فيها رسول الله بنفسه لإزالة الشكوك التي تثار حول عصمته وعدالته ، وكانت كثيراً ما تثار حتى بمحضره صلىاللهعليهوآلهوسلم كقولهم له صراحة : « ألست نبي الله حقاً؟ » (٢) أو : « أنت الذي تزعم أنّك نبي » (٣) ، أو « ما
__________________
١ ـ النجم : ٣ ـ ٤.
٢ ـ قاله عمر بن الخطّاب في صلح الحديبية ، أخرجه البخاري ٣ : ١٨٢ ( كتاب الصلح ، باب الشروط والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط ).
٣ ـ قالته عائشة بنت أبي بكر للنّبي كتاب إحياء العلوم للغزالي ٢ : ٦٥ ( كتاب النكاح ، الباب الثالث ).