وعمرو بن العاص ، وسمرة بن جندب ، والوليد بن عقبة ، وكعب الأحبار ، ومن لفّ لفّهم من عبيد الدنيا ، وتُبّع الأهواء والشهوات ، والتاريخ حافل بمخازيهم ، وجرائمهم في حقّ الدين وأهله.
سكتّ لحظة متسائلاً في قرارة نفسي ، ومستعرضاً من جديد حديث انقسام الأمّة ، فتبيّن لي أنّ صاحبي على حقّ ، التفت إليّ محمد فرأى وجومي ، واستغراقي في الفكر ، وقال : وأزيدك على ذلك أنّ الشافعي ـ أحد أصحاب المذاهب الأربعة ، والذين عاشوا في القرنين الثاني والثالث ، ولم يجمعهم في منظومة واحدة سُميّت بأهل السنة والجماعة ، غير حُكّام البغي والظلم الذين أوقفوا المذاهب على أربعة فقط ، وذلك في القرن الخامس ، وحكموا على البقيّة بالخروج على السلطان ـ قد خرج من فقهه الأول ، إلى فقهه الثاني لمّا انتقل إلى مصر ، وقال قصيدته الشهيرة بخصوص ذلك :
ولمّا رأيت الناس قد ذهبت بهم |
|
مذاهبهم في أبحر الغيّ والجهل |
ركبت على اسم الله في سفن النجا |
|
وهم أهل المصطفى خاتم الرسل |
وأمسكتُ حبل الله وهو ولاؤهم |
|
كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل (١) |
إذا افترقت في الدين سبعون فرقة |
|
ونيفاً على ما جاء في واضح النقل |
ولـم يك ناج منهـا غير فرقة |
|
فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل |
أفي الفرقة الهلاك آل محـمد |
|
أم الفرقة التي نجت منهم قُل لي |
فإنْ قلت في الناجين فالقول واحد |
|
وإنْ قلت في الهلاك حفت عن العدل |
إلى أن قال أخيراً :
رضيتُ علياً لي اماماً ونسله |
|
وأنت من الباقين في أوسع الحلّ (٢) |
_________________
(١) رشفة الصادي ، شهاب الدين الحضري : ٥٧.
(٢) نقلها النقوي في خلاصة عبقات الأنوار ٤ : ٢٩ ، عن العجيلي في ذخيرة المآل.