قال : « هل تؤمن حقيقة بما جاء في هذا الكتاب ؟ »
فقلت له : « أفي الله شك فاطر السماوات الأرض ».
قال : « ليس القصد في أصل الاعتقاد بالله تعالى ، لأنّنا كلّنا نعتقد بوجوده ووحدانيته تقريباً ، وقد يشترك. معنا فيه كلّ المخلوقات حتّى المشركين ، لقوله تعالى : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ... ) (١). لكن المراد من سؤالي ، هو ما حواه الكتاب من إساءة لله تعالى ، وسوء تقدير له ، ووضعه موضع المحتاج ، وتشبيهه بخلقه ، والاعتقاد بأنّ له أعضاء وجوارح كالمخلوقات ».
فقلت له : « هذه هي عقيدة أهل السنّة والجماعة ، والتي كان عليها السلف الصالح وأخذها عنهم التابعون لهم بإحسان. ولكن ما هو توحيدك أنت حتّى تتهمني بفساد العقيدة ؟ »
قال : « هو توحيد خاتم الأنبياء والمرسلين صلىاللهعليهوآله ، الذي علّمه لعليّ بن أبي طالب وأهل بيته عليهمالسلام ، وتعلمه صفوة الصحابة ، أمثال أبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر والمقداد وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم ».
فقلت : « وعلى أيّ أساس ينبني توحيد أهل البيت رضي الله تعالى عنهم ؟ ».
قال : « ينبني على تنزيه الله تعالى عن كل النقائص ، وإثبات كلّ كمال فيه جلّ شأنه ، وتوحيده في الذات والصفات والخلق والرزق والحاكمية والعبادة ، إلهاً واحداً أحداً لا مثيل له ولا شبيه ولا ندّ ، ليس كمثله شي وهو السميع البصير ».
قلت : « فهل لك من بيّنة من كلام أهل البيت رضي الله عنهم في هذا ».
قال : « لقد كان جلّ كلام أهل البيت عليهمالسلام منصّباً في بيان مقام الخالق سبحانه وتعالى ، لعلمهم بأنّ عدم بيانه ـ رغم أنّه من أجلى الموجودات على الإطلاق ـ لا
_________________
(١) الزمر : ٣٨.