ولا أراك تجهل حزن النبي الكبير على موت
خديجة سيّدة النساء عليهاالسلام
، وموت عمّه أبي طالب عليهالسلام
، وموت ابنه إبراهيم عليهالسلام
، وموت ربيبته رقيّة رضي الله عنها ، وكان حزنه أكبر على ولده الحسين عليهالسلام
عندما أخبره جبريل عليهالسلام
بمقتله ، وحكى له ما سيحصل له من أمّته ، والشيعة يظهرون الحزن على مصائب أهل البيت عليهمالسلام
ويتعبدون بإقامتها تأسّياً بالنبيّ صلىاللهعليهوآله
، فلم يبتدعوا شيئاً من عندهم حتّى يتّهمهم بقيّة المسلمين بالتطرّف والخروج على الدين ، بل إنّني أرى عدم الفرح بأفراح أهل البيت عليهمالسلام
، وعدم الحزن بأحزانهم هو التطرّف والتنكّر للنبيّ صلىاللهعليهوآله
وللدين في صوره الحقيقية.
قلت له : وما مشروعيّة البناء ، وقد وجد
عندنا أنّ بني إسرائيل قد لعنوا على لسان نبيّهم لأنّهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ؟
فقال لي : الرواية التي ذكرتها لا أساس
لها من الصحّة ; لأنّها خلاف الواقع والعرف ، الذي درج عليه الناس منذ آدم ، والبناء على قبور الأنبياء عليهمالسلام يراد به حفظ الضريح ، وحصر مكانه ; لأنّه يحتوي على صفوة الله تعالى وخاصّته من خلقه ، فزيارته واجبة ، والصلاة فيه والدعاء عنده مدعاة لقبول الأعمال ، فمسجد النبيّ صلىاللهعليهوآله
في المدينة المنورة ، وضريحه ومثواه ، قد اتخذه الناس مقصداً وشدّوا إليه الرحال ، ليجدّدوا فيه العهد مع نبيّهم صلىاللهعليهوآله
، ويتّخذوا منه سبباً ووسيلة للتقرّب منه ومن ربّه ، أمر قد درج عليه المسلمون منذ غابر الأزمنة ، ولم يشذّ عن تلك السنّة غير الضالين من أتباع الوهابيّة ، والبيت الحرام الذي أمر الله سبحانه
وتعالى سيدنا إبراهيم ببنائه ; ليكون قياما للناس ، ليس بيتا لله على وجه الحقيقة ، بل قَصد به الله سبحانه وتعالى رمزيّة البيت لا حقيقة البناء ، ليكون للناس سبباً من أسباب المغفرة والتوبة والإنابة. وقصة أصحاب الكهف عليهمالسلام
خير دليل على ما يقوله الشيعة ، ويحتجّون به على مشروعيّة البناء على قبور الصالحين ; لتكون