وعرضت عليه العمل معها قائلة له أني دعاني إلى البعثة إليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك ، وكرم أخلاقك ، وأنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلا من قومك وأبعث معك غلامين يأتمران بأمرك في السفر ، فأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عمه بذلك فقال له : أن هذا رزق ساقه الله إليك (١).
فقبل الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك العرض ، وخرج بمال خديجة ذلك العام قاصدا الشام للتجارة ، ووصل إلى الشام وباع البضاعة ، وربح ربحا كبيرا ، كما أنه اشترى بضاعة لبيعها في مكة ، وأقبل راجعا إلى مكة ومعه الربح الكثير ، وأخبر أحد الغلامين واسمه ( ميسرة ) خديجة عند رجوعه إلى مكة ، بحال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبعض الكرامات التي لمسها منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكذلك عن أخلاقه وخصاله الكريمة ، وأبلغها بالربح الكبير الذي أصابهم من تجارتهم هذه فينقل عنه أنه قال لقد ربحنا في هذه الرحلة ما لم نربحه من أربعين سنة ببركة محمد (٢).
ففرحت خديجة ( رضي الله عنها ) عندما سمعت ذلك من الغلام ، وكانت خديجة من خيرة نساء قريش شرفا ، وأكثرهن مالا ، وأحسنهن جمالا ، وأقواهن عقلا وفهما ، وكانت تدعى في الجاهلية
__________________
(١) سيد المرسلين ١ / ٢٥٤.
(٢) بحار الأنوار ١٦ / ٥.