إلى الأنصار لنشر دعوته ، وكان أبو طالب معروفا بين أهل مكة بجوده وكرمه ، فهو سيد بني هاشم ، ومع أنه كان فقيرا فقد خضع له القريب والبعيد.
وقد جاء عن وصي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه قال : إن أبي ساد الناس فقيرا ، وما ساد فقير قبله (١) ، وكانت زوجة أبي طالب أيضا تشمله برعايتها الخاصة ، وتحرص عليه أكثر من أولادها ، ويمكن القول بأن أبا طالب وزوجته فاطمة بنت أسد استطاعا أن ينسيا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مرارة اليتم ، بالرعاية التي أحاطاه بها ، وتنقل كتب التاريخ أن فاطمة بنت أسد كانت في سني الجدب والقحط التي مات الناس فيها جوعا تحرم أولادها القوت وتطعمه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
ولما بلغ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الثانية عشرة من عمره الشريف ، اصطحبه معه أبو طالب في سفره التجاري إلى الشام ، ولما وصل إلى منطقة تدعى بصرى ، وقعت حادثة أدت إلى أن يرجع أبو طالب إلى مكة مع ابن أخيه قبل أن يصلا إلى الشام ، وتلك الحادثة تنقلها كتب التاريخ بتفصيل ، ونحن ننقلها هنا باختصار :
لما نزل الركب ( بصرى ) من أرض الشام ، وبها راهب يقال له
__________________
(١) سيرة المصطفى ٤٩.