عندما أصبحت الخليفة واستتب لي الأمر فقد قلت لابن عباس : يا بن عباس ، أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمّد؟
قال ابن عباس : فكرهت أن أُجيبه ، فقلت : إن لم أكن أدري ، فإنّ أمير المؤمنين يدري.
فقلت : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة فتجحّفوا على قومكم بجحاً بجحاً ، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت.
فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين ، إن تأذن لي في الكلام وتحطّ عنّي الغضب تكلّمت.
فقلت له : تكلّم.
قال ابن عباس : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : ( اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت ) ، فلو أنّ قريشاً اختارت من حيث اختار لها الله لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود ، وأمّا قولك : ( إنّهم أبو أن تكون لنا النبوّة والخلافة ) فإنّ الله عزّ وجلّ وصف قوماً بالكراهيّة فقال : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالـهُمْ ) (١).
فقلت له : هيهات يا بن عباس ، قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقرّك عليها فتزيل منزلتك منّي.
____________
١ ـ محمّد : ٩.