فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين ، فإن كانت حقّاً فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك ، وإن كانت باطلاً فمثلي أماط الباطل عن نفسه.
فقلت له : بلغني أنّك تقول : صرفوها عنا حسداً وبغياً وظلماً.
قال ابن عباس : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : ( ظلماً ) فقد تبين للجاهل والحليم ، وأمّا قولك : ( حسداً ) فأنّ آدم حُسد ونحن ولده المحسودون.
فقلت ( عمر ) : هيهات هيهات ، أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلاّ حسداً لا يزول.
فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين مهلاً ، لا تصف بهذا قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً بالحسد والغش ، فإنّ قلب رسول اللّه من قلوب بني هاشم.
فقلت له : إليك عني يا بن عباس (١).
ومنذ عاد رسول الله صلىاللهعليهوآله من حجّة الوداع فقد كان يحاول أن يثبت هذا الأمر لعليّ لعلمه من أنّ قومه لن يرضوا به بعد وفاته ، لذلك حاول إبعاد كلّ كبار الصحابة وذلك بتجهيز جيش جعل جل الصحابة فيه ، وقد جنّدني فيه مع أبي بكر وأبي عبيدة وعثمان ، وأمّر علينا أُسامة بن زيد ، وهو شاب لم يتجاوز السابعة عشر من العمر ، وقد
____________
١ ـ تاريخ الطبري ٣ : ٢٨٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٨٩.