قال ابن عباس : « إن جماعة من قريش ، وهم عتبة وشيبة إبنا ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، والأسود بن المطلب ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبو جهل بن هشام ، وعبد الله بن أبي أُمية ، وأُمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، ونبيه ومنبه ، إبنا الحجاج ، والنضر بن الحارث ، وأبو البختري بن هشام ، اجتمعوا عند الكعبة ، وقال بعضهم لبعض : أبعثوا إلى محمد فكلِّموه وخاصموه ، فبعثوا إليه أنّ أشراف قومك قد اجتمعوا لك ، فبادر صلى الله عليه وآله وسلم إليهم ، ظنّاً منه أنّهم بدا لهم في أمره ، وكان حريصاً على رشدهم ، فجلس إليهم ، فقالوا : يا محمد! إنّا دعوناك لنعذر إليك ، فلا نعلم أحداً أدخل على قومه ما أدخلت على قومك ، شتمت الآلهة ، وعبت الدين ، وسفهت الأحلام ، وفرَّقت الجماعة ، فإن كنت جئت بهذا لتطلب مالاً أعطيناك ، وإن كنت تطلب الشرف سوَّدناك علينا ، وإن كانت علّة غلبت عليك طلبنا لك الأطباء!
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ليس شيء من ذلك ، بل بعثني الله إليكم رسولاً ، وأنزل كتاباً ، فإنْ قبلتم ما جئت به ، فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردّوه أصبر حتى يحكم الله بيننا. قالوا : فإٍذن ليس أحد أضيق بلداً منا ، فاسأل ربك أن يسير هذه الجبال ، ويجري لنا أنهاراً كأنهار الشام والعراق ، وأن يبعث لنا من مضى ، وليكن فيهم قصي ، فإِنّه شيخ صدوق لنسألهم عما تقول أحق أم باطل! فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ما بهذا بُعثت. قالوا : فإن لم تفعل ذلك فاسأل ربك أن يبعث ملكاً يصدّقك ، ويجعل لنا جنات ، وكنوزاً ، وقصوراً من ذهب. فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ما بهذا