وهذا لون آخر من معارفه القرآنية المتضمن صوراً من التعاليم والآداب الإسلامية ، تجمعها مظلّة الغيرية وحبّه الخير للغير التي عنوانها : « أحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك » ، وهذا منطلق رحب الآفاق في مكارم الأخلاق ، وقد مرتّ بنا كلمة الحبر ابن عباس رضي الله عنه ، وهي حكمة بالغة حبّذا لو تمثلنّاها سلوكاً عملياً مع الناس ، فقد قال لمن شتمه : « أتشتمني وفيّ ثلاث خصال : إنّي لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأحبّه ولعلّي لا أقاضي إليه أبداً ، وإنّي لأسمع بالغيث يصيب البلاد من بلدان المسلمين وأفرح به ومالي بها من سائمة ولا راعية ، وإنّي لآتي على آية من كتاب الله فوددت أنّ المسلمين كلّهم يعلمون منها مثل ما أعلم » (١). فمن هذا المنطلق المثالي كان يقول ما يراه في الترغيب والترهيب ممّا يتعلق بالقرآن الكريم.
١ ـ قال : « من قرأ القرآن واتبع ما فيه عصمه الله من الضلالة ، ووقاه من هول يوم القيامة ، وذلك أنّه قال : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) (٢) في الآخرة » (٣).
____________
(١) موسوعة ابن عباس / الحلقة الأولى ٥ / ٤٣٢.
(٢) طه / ١٢٣.
(٣) تفسير الطبري ١٦ / ٢٢٥.