ثم من التبين الواضح أن هذه الأمور في أنفسها بحيث يجب أن يبحث عنها ، ثم ليست من الأعراض الخاصة (١) بالأمور الطبيعية والأمور التعليمية (٢). ولا هي أيضا (٣) واقعة في الأعراض الخاصة (٤) بالعلوم العملية (٥). فيبقى (٦) أن يكون البحث عنها للعلم الباقي من الأقسام وهو هذا العلم.
وأيضا فإن العلم بالأسباب المطلقة حاصل بعد العلم بإثبات الأسباب للأمور ذوات الأسباب. فإنا ما لم نثبت وجود الأسباب للمسببات من الأمور بإثبات أن لوجودها تعلقا بما يتقدمها في الوجود ، لم يلزم عند العقل وجود السبب المطلق ، وأن هاهنا سببا ما. وأما الحس فلا يؤدي إلا إلى (٧) الموافاة. وليس إذا توافى شيئان ، وجب أن يكون أحدهما سببا للآخر (٨). والإقناع الذي يقع للنفس لكثرة ما يورده الحس والتجربة فغير متأكد ، على ما علمت ، إلا بمعرفة أن الأمور التي هي موجودة في الأكثر هي طبيعية واختيارية (٩).
وهذا في الحقيقة مستند إلى إثبات العلل ، والإقرار بوجود العلل والأسباب. وهذا ليس بينا أوليا بل هو مشهود (١٠) ، وقد علمت الفرق بينهما. وليس إذا كان قريبا عند العقل ، من البين بنفسه أن للحادثات مبدأ ما يجب أن يكون بينا بنفسه مثل كثير من الأمور الهندسية المبرهن عليها في كتاب أوقليدس. ثم البيان البرهاني (١١) لذلك (١٢) ليس في العلوم الأخرى ، فإذن يجب أن يكون في هذا العلم.
فكيف يمكن أن يكون الموضوع للعلم المبحوث عن أحواله في المطالب مطلوب الوجود فيه؟ وإذا (١٣) كان كذلك فبين أيضا أنه ليس البحث عنها (١٤) من جهة
__________________
(١) الخاصة : الخاصية م
(٢) التعليميه : العملية م
(٣) أيضا : ساقطة من ب ، ص ، م
(٤) الخاصة : الخاصية م
(٥) العملية : + والمنطقية ج
(٦) فيبقى : فيبقى م
(٧) إلى : ساقطة من ب ، م
(٨) للاخر : الآخر م
(٩) واختيارية : أو اختيارية ص
(١٠) مشهود : مشهور ج ، ص. (١١) البرهانى : ساقطة من ط
(١٢) لذلك : أى بينا بنفسه أن لكل شىء مبدأ م. (١٣) وإذا : فاذا ج ؛ وإذ م
(١٤) عنها : هنا ط.