فقال يا أمير المؤمنين كبر القوم وكبرنا وهلل القوم وهللنا وصلى القوم وصلينا فعلى ما تقاتلهم؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام على ما أنزل الله جل ذكره في كتابه.
فقال يا أمير المؤمنين عليهالسلام ليس كل ما أنزل الله في كتابه أعلمه فعلمنيه.
فقال علي عليهالسلام ما أنزل الله في سورة البقرة فقال يا أمير المؤمنين ليس كل ما أنزل الله في سورة البقرة أعلمه فعلمنيه.
فقال علي عليهالسلام هذه الآية ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) (١) فنحن الذين آمنا وهم الذين كفروا فقال الرجل كفر القوم ورب الكعبة ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله.
عن المبارك بن فضالة عن رجل ذكره قال : أتى رجل أمير المؤمنين عليهالسلام بعد الجمل فقال يا أمير المؤمنين رأيت في هذه الواقعة أمرا هالني من روح قد بانت وجثة قد زالت ونفس قد فاتت لا أعرف فيهم مشركا بالله تعالى ـ فالله الله ما يجللني من هذا إن يك شرا فهذا نتلقى بالتوبة وإن يك خيرا ازددنا منه أخبرني عن أمرك هذا الذي أنت عليه أفتنة عرضت لك فأنت تنفح الناس بسيفك (٢) أم شيء خصك به رسول الله.
فقال عليهالسلام إذن أخبرك إذن أنبئك إذن أحدثك إن ناسا من المشركين أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وأسلموا ثم قالوا لأبي بكر استأذن لنا على رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى نأتي قومنا فنأخذ أموالنا ثم نرجع فدخل أبو بكر على رسول الله صلىاللهعليهوآله فاستأذن لهم فقال عمر يا رسول الله أنرجع من الإسلام إلى الكفر؟
فقال صلىاللهعليهوآله وما علمك يا عمر أن ينطلقوا فيأتوا بمثلهم معهم من قومهم ثم إنهم أتوا أبا بكر في العام المقبل فسألوه أن يستأذن لهم على النبي فاستأذن لهم وعنده عمر فقال مثل قوله فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم قال:
والله ما أراكم تنتهون حتى يبعث الله عليكم رجلا من قريش يدعوكم إلى الله فتختلفون عنه اختلاف الغنم الشرود.
فقال له أبو بكر فداك أبي وأمي يا رسول الله أنا هو؟ قال لا قال عمر فمن هو؟ يا رسول الله فأومى إلي وأنا أخصف نعل رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال هو خاصف النعل عندكما ابن عمي وأخي وصاحبي ومبرئ ذمتي والمؤدي عني ديني وعداتي والمبلغ عني رسالاتي ومعلم الناس من بعدي ومبينهم من تأويل القرآن ما لا يعلمون فقال الرجل أكتفي منك بهذا يا أمير المؤمنين ما بقيت فكان ذلك الرجل أشد أصحاب علي عليهالسلام فيما بعد على من خالفه.
__________________
(١) البقرة : ٢٥٣.
(٢) أي : تأخذهم بطرف سيفك من بعيد.