فقال أبو جعفر عليهالسلام أهم حينئذ أشغل أم هم في النار؟ قال نافع بل هم في النار.
قال فقد قال الله عز وجل : ( وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ) ما أشغلهم إذا دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم ودعوا بالشراب فسقوا من الجحيم فقال صدقت يا ابن رسول الله وبقيت مسألة واحدة قال وما هي؟
قال فأخبرني متى كان الله؟ قال ويلك أخبرني متى لم يكن حتى أخبرك متى كان سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ ( صاحِبَةً وَلا وَلَداً ) ثم أتى هشام بن عبد الملك فقال ما صنعت؟ قال دعني من كلامك والله هو أعلم الناس حقا وهو ابن رسول الله حقا.
وعن أبان بن تغلب (١) قال : دخل طاوس اليماني إلى الطواف ومعه صاحب له فإذا هو بأبي جعفر يطوف أمامه وهو شاب حدث فقال طاوس لصاحبه إن هذا الفتى لعالم فلما فرغ من طوافه صلى ركعتين ثم جلس وأتاه الناس فقال طاوس لصاحبه نذهب إلى أبي جعفر عليهالسلام ونسأله عن مسألة لا أدري عنده فيها شيء أم لا فأتياه فسلما عليه ثم قال له طاوس :
يا أبا جعفر هل تدري أي يوم مات ثلث الناس؟
فقال يا أبا عبد الرحمن لم يمت ثلث الناس قط إنما أردت ربع الناس قال وكيف ذلك؟
قال كان آدم وحواء وقابيل وهابيل فقتل قابيل هابيل فذلك ربع الناس قال صدقت!
قال أبو جعفر عليهالسلام هل تدري ما صنع بقابيل؟ قال لا.
قال علق بالشمس ينضح بالماء الحار إلى أن تقوم الساعة.
وروي أن عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي الباقر عليهالسلام لامتحانه بالسؤال عنه فقال له جعلت فداك ما معنى قوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) ما هذا الرتق والفتق؟
فقال أبو جعفر عليهالسلام كانت السماء رتقا لا تنزل القطر وكانت الأرض رتقا لا تخرج النبات ففتق الله السماء بالقطر وفتق الأرض بالنبات فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى وعاد إليه فقال :
خبرني جعلت فداك عن قوله تعالى : ( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) ما غضب الله؟
__________________
(١) في رجال النجاشي ص ٧ : « أبان بن تغلب بن رياح أبو سعيد البكري الجريري مولى بني جرير بن عبادة بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكاشة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، عظيم المنزلة في أصحابنا ، لقي علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله عليهمالسلام وروى عنهم ، وكانت له عندهم منزلة وقدم ، وذكره البلاذري قال : روى أبان عن عطية العوفي قال له أبو جعفر : اجلس في مسجد المدينة وافت الناس فاني أحب أن يرى في شيعتي مثلك وقال أبو عبد الله عليهالسلام لما أتاه نعيه : « أم والله لقد أوجع قلبي موت أبان » وكان قاريا من وجوه القراء ، فقيها لغويا ، سمع من العرب وحكى عنهم.