__________________
ـ عن ابن أسباط قال أبو حنيفة لو أدركني رسول الله وأدركته لأخذ بكثير من قولي وقال سمعت أبا إسحاق يقول كان أبو حنيفة يجيئه الشيء عن النبي فيخالفه إلى غيره وفي ص ٣٧٠ من نفس المصدر سئل أبو حنيفة عن رجل قال : أشهد أن الكعبة حق ولكن لا أدري هي هذه التي بمكة أم لا فقال مؤمن حقا. وسئل عن رجل قال : أشهد أن محمد بن عبد الله نبي ولكن لا أدري هو الذي قبره بالمدينة أم لا. فقال مؤمن حقا.
وهو أحد المذاهب الأربعة السنية ، صاحب الرأي والقياس والفتاوي المعروفة في الفقه.
ذكر ابن خلكان في ج ٢ ص ٨٦ من الوفيات في ترجمة محمد بن سبكتكين عن إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك الجويني في كتابه الذي سماه : « مغيث الخلق في اختيار الأحق » قال : إن السلطان محمود المذكور كان على مذهب أبي حنيفة وكان مولعا بعلم الحديث ، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع وكان يستفسر الأحاديث فوجد أكثرها موافقا لمذهب الشافعي فوقع في خلده حكمه. فجمع العلماء من الفريقين في مرو والتمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الشافعي وعلى مذهب أبي حنيفة ... فصلى القفال المروزي ... إلى أن قال : ثم صلى ركعتين على ما يجوز أبو حنيفة فلبس جلد كلب مدبوغا ثم لطخ ربعه بالنجاسة وتوضأ بنبيذ التمر وكان في صميم الصيف في المفازة واجتمع عليه الذباب والبعوض وكان وضوؤه منكسا منعكسا ثم استقبل القبلة وأحرم بالصلاة من غير نية في الوضوء ، وكبر بالفارسية ، ثم قرأ آية بالفارسية « دو بركك سبز » ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ومن غير ركوع وتشهد ، وضرط في آخره من غير نية السلام. وقال : أيها السلطان هذه صلاة أبي حنيفة فقال السلطان : ولو لم تكن هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة لقتلتك ، فأنكرت الحنفية أن تكون هذه
صلاة أبي حنيفة فأمر القفال باحضار كتب أبي حنيفة وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفال ، فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة ، وفي ج ١٣ ، من تاريخ بغداد ص ٣٧٠ قال الحارث بن عمير : وسمعته يقول : لو أن شاهدين شهدا عند قاض ؛ أن فلان بن فلان طلق امرأته ، وعلما جميعا أنهما شهدا بالزور ففرق القاضي بينهما ، ثم لقيها أحد الشاهدين فله أن يتزوج بها.
في ص ٣٦٢ منه قال : قال مساور الوراق :
كنا من الدين قبل اليوم في سعة |
|
حتى ابتلينا بأصحاب المقاييس |
قاموا من السوق إذ قلت مكاسبهم |
|
فاستعملوا الرأي عند الفقر والبؤس |
أما العريب فأمسوا لا عطاء لهم |
|
وفي الموالي علامات المفاليس |
فلقيه أبو حنيفة فقال : هجوتنا نحن نرضيك ، فبعث إليه بدراهم فقال :
إذا ما أهل مصر بادهونا |
|
بداهية من الفتيا لطيفه |
أتيناهم بمقياس صحيح |
|
صليب من طراز أبي حنيفة |
إذا سمع الفقيه به حواه |
|
وأثبته بحبر في صحيفه |
فأجابه بعضهم يقول :
إذا ذو الرأي خاصم عن قياس |
|
وجاء ببدعة هنة سخيفه |
أتيناه بقول الله فيها |
|
وآيات محبرة شريفه |
فكم من فرج محصنة عفيف |
|
احل حرامها بأبي حنيفة |
وروي أيضا أنه اجتمع الثوري وشريك والحسن بن صالح وابن أبي ليلى فبعثوا إلى أبي حنيفة فأتاهم فقالوا له : ما تقول في رجل قتل أباه ونكح أمه وشرب الخمر في رأس أبيه؟ فقال : مؤمن. فقال له ابن أبي ليلى : لا قبلت لك شهادة أبدا ، وقال الثوري لا كلمتك أبدا ، وقال شريك : لو كان لي من الأمر شيء لضربت عنقك ، وقال له الحسن : وجهي من وجهك حرام أن انظر إلى وجهك أبدا. وروي أيضا عن الامام مالك قال : ما ولد في الإسلام مولود أضر على أهل الإسلام من أبي حنيفة وقال : كانت فتنة أبي حنيفة أضر على هذه الأمة من فتنة إبليس. وأخرج عن الأوزاعي قال : عمد أبو حنيفة إلى عرى الإسلام فنقضه عروة عروة ، وعن عبد الرحمن ابن مهدي قال : ما علم في الإسلام فتنة بعد فتنة الدجال أعظم من رأي أبي حنيفة وأخرج عن أبي صالح الفراء قال : سمعت يوسف بن اسباط يقول : رد أبو حنيفة على رسول الله صلىاللهعليهوآله أربعمائة حديث أو أكثر وأنه سئل عن مسألة فأجاب فيها ثم قيل له :
يروى عن النبي صلىاللهعليهوآله فيها كذا وكذا قال : دعنا من هذا وفي رواية قال : حك هذا بذنب خنزيرة.
قال ابن خلكان ص ١٦٥ ج ٢ من الوفيات ولم يكن يعاب بشيء سوى قلة العربية فمن ذلك ما روي : أن أبا عمرو بن العلاء المقري النحوي سأله عن القتل بالمثقل هل يوجب القود أم لا؟ فقال : لا. فقال له أبو عمرو : ولو قتله بحجر المنجنيق؟ فقال : ولو قتله « بأبا قبيس ».
وتوفي سنة مائة وخمسين وقبره ببغداد في مقبرة خيزران.