لهم قبل الفرقة وتزوجوا على رشدة وولدوا على فطرة وإنما لكم ما حوى عسكركم وما كان في دورهم فهو ميراث فإن عدا أحد منهم أخذناه بذنبه وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره.
يا أخا بكر لقد حكمت فيهم بحكم رسول الله صلىاللهعليهوآله في أهل مكة فقسم ما حوى العسكر ولم يتعرض لما سوى ذلك وإنما اتبعت أثره حذو النعل بالنعل.
يا أخا بكر أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بالحق فمهلا مهلا رحمكم الله فإن لم تصدقوني وأكثرتم علي وذلك أنه تكلم في هذا غير واحد فأيكم يأخذ عائشة بسهمه.
فقالوا يا أمير المؤمنين أصبت وأخطأنا وعلمت وجهلنا فنحن نستغفر الله تعالى ونادى الناس من كل جانب أصبت يا أمير المؤمنين أصاب الله بك الرشاد والسداد فقام عباد فقال:
أيها الناس إنكم والله لو اتبعتموه وأطعتموه لن يضل بكم عن منهل نبيكم حتى قيد شعرة وكيف لا يكون ذلك وقد استودعه رسول الله صلىاللهعليهوآله علم المنايا والقضايا وفصل الخطاب على منهاج هارون وقال له أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فضلا خصه الله به وإكراما منه لنبيه صلىاللهعليهوآله حيث أعطاه ما لم يعط أحدا من خلقه.
ثم قال أمير المؤمنين عليهالسلام انظروا رحمكم الله ما تؤمرون فامضوا له فإن العالم أعلم بما يأتي به من الجاهل الخسيس الأخس فإني حاملكم إن شاء الله إن أطعتموني على سبيل النجاة وإن كان فيه مشقة شديدة ومرارة عديدة والدنيا حلوة الحلاوة لمن اغتر بها من الشقاوة والندامة عما قليل.
ثم إني أخبركم أن جيلا من بني إسرائيل أمرهم نبيهم أن لا يشربوا من النهر فلجوا في ترك أمره فشربوا منه إلا قليل [ قليلا ] منهم فكونوا رحمكم الله من أولئك الذين أطاعوا نبيهم ولم يعصوا ربهم وأما عائشة فأدركها رأي النساء ولها بعد ذلك حرمتها الأولى والحساب على الله يعفو عمن يشاء ويعذب من يشاء
عن الأصبغ بن نباتة (١) قال : كنت واقفا مع أمير المؤمنين عليهالسلام يوم الجمل فجاء رجل حتى وقف بين يديه
__________________
(١) لأصبغ بن نباتة ـ بضم النون ـ المجاشعي الحنظلي كان من خاصة أمير المؤمنين ومن ذخائره وقد بايعه على الموت.
وكان من ثقاته (عليهالسلام) روي أنه دعا يوما كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال : أدخل عشرة من ثقاتي ، فقال : سمهم يا أمير المؤمنين فسماه في أولهم.
وكان رحمهالله من فرسان أهل العراق ، وكان يوم صفين على شرطة الخميس ، وقال لأمير المؤمنين (عليهالسلام) : قدمني في البقية من الناس فإنك لا تفقد لي اليوم صبرا ولا نصرا ، قال عليهالسلام : تقدم باسم الله والبركة ، وأخذ رايته وسيفه ، فمضى بالراية مرتجزا فرجع وقد خضب سيفه ورمحه دما ، وكان إذا لقي القوم لا يغمد سيفه.
وكان شيخا ناسكا عابدا ، قال : كنت أركع عند باب أمير المؤمنين (عليهالسلام) وأنا أدعو الله عز وجل إذ خرج أمير المؤمنين (عليهالسلام) فقال : يا أصبغ ، قلت : لبيك ، قال : أي شيء كنت تصنع؟ قلت : ركعت وأنا أدعو الله ، قال : أفلا أعلمك دعاء أسمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
قلت بلى. قال : قل : الحمد لله على ما كان والحمد لله على كل حال ، ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الأيسر وقال : يا أصبغ لئن ثبتت قدمك ، وتمت ولايتك ، وانبسطت يدك. فالله أرحم بك من نفسك.
روى عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) عهده للأشتر ووصيته لمحمد بن الحنفية ، وعمر بعد أمير المؤمنين (عليهالسلام) ومات مشكورا.
رجال الطوسي ص ٣٤ ، رجال العلامة ص ٢٤ ، سفينة البحار ج ٢ ص ٧ ، ٨ ، ١٠.