دولة الحق غالب ظاهر ، فهو آدم ، وهي دولة الحكومة التي رضي الله لعباده «وكانت» في الموضعين تامة فإذا علم الله صلاح العباد في أن يعبدوه ظاهرا سبب أسباب ظهور دولة الحق فكانت كدولة آدم ، وإذا علم صلاحهم في أن يعبدوه سرا وتقية وكلهم إلى أنفسهم فاختاروا الدنيا ، وغلب الباطل على الحق فمن أظهر الحق وترك التقية في دولة الباطل لم يرض بقضاء الله ، وخالف أمر الله ، وضيع مصلحة الله التي اختارها لعباده فهو «مارق» أي خارج عن الدين غير عامل بمقتضاه ، أو خارج عن العبادة غير عامل بها ، قال في القاموس : مرق السهم من الرمية مروقا خرج من الجانب الاخر ، والخوارج مارقة لخروجهم عن الدين.
٤٤ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من استفتح نهاره باذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد وضيق المحابس (١).
بيان : كأن استفتاح النهار على المثال ، أو لكونه أشد أو كناية عن كون هذا منه على العمد والقصد ، لا على الغفلة والسهو ، ويحتمل أن يكون الاستفتاح بمعنى الاستنصار وطلب النصرة كما قال تعالى : «وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا» (٢) وقال : إن تستفتحوا فقد جائكم الفتح » (٣) أي يظهر الفتح ويهدد المخالفين بذكر الاسرار التي ذكرها الائمة عليهمالسلام تسلية للشيعة كانقراض دولة بني امية أو بنى العباس في وقت كذا ، فقوله : « نهاره » أي في جميع نهاره لبيان المداومة عليه « حر الحديد » أي ألمه وشدته من سيف أو شبهه ، والعرب تعبر عن الراحة بالبرد ، وعن الشدة والالم بالحر ، قال في النهاية في حديث علي عليهالسلام إنه قال لفاطمة عليهاالسلام : لو أتيت النبي صلىاللهعليهوآله فسألته خادما يقيك حر ما أنت فيه من العمل ، وفي رواية : حار ما أنت فيه ، يعنى التعب والمشقة من خدمة البيت ، لان الحرارة مقرونة بهما ، كما أن البرد مقرون بالراحة
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٣٧٢. (٢) البقرة : ٨٩
(٣) الانفال : ١٩.