لنفسك ما نهيت النمام عنه ، فلا تحكي نميمه ، فتقول : فلان قد حكى لي كذا و كذا فتون به نماما ومغتابا فتكون قد أتيت بما نهيت عنه ، وقد روي عن على عليهالسلام أن رجلا أتاه يسعى إليه برجل فقال : يا هذا نحن نسأل عما قلت ، فان كنت صادقا مقتناك ، وإن كنت كاذبا عاقبناك ، وإن شئت أن نقيلك أقلناك ، قال اقلنى يا أمير المؤمنين ، وقال الحسن : من نم إليك نم عليك ، وهذه إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يبغض ولا يوثق بصداقته ، وكيف لا يبغض وهو لا ينفك من الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والافساد بين الناس والخديعة ، وهو ممن سعى في قطع ما أمر الله تعالى به أن يوصل ، قال الله تعالى «ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض» (١) وقال تعالى «إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق» (٢) والنمام منهم.
وبالجملة فشر النمام عظيم ، ينبغي أن يتوقى ، قيل : باع بعضهم عبدا و قال للمشتري ما فيه عيب إلا النميمة ، قال : رضيت به ، فاشتراه فمكث الغلام أياما ثم قال لزوجة مولاه : إن زوجك لا يحبك ، وهو يريد أن يتسرى (٣) عليك فخذي الموسى واحلقي من قفاه شعرات حتى أسحر عليها فيحبك ، ثم قال للزوج : إن امرأتك اتخذت خليلا وتريد أن تقتلك ، فتناوم لها حتى تعرف ، فتناوم فجاءته المرأة بالموسى فظن أنها تقتله ، فقام وقتلها. فجاء أهل المرءة وقتلوا الزوج ، فوقع القتال بين القبيلتين وطال الامر.
____________________
(١) البقرة : ٢٧.
(٢) الشورى : ٤٢.
(٣) التسرى : اخذ السرية كالذرية وهى المرأة التى تتخذها لعبة لك سرا عن زوجتك.