ثم ذكر أصحاب الميمنة و « هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا » بأعيانهم جعل الله فيهم أربعة أرواح روح الإيمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن فلا يزال العبد ـ يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتى تأتي عليه حالات فقال الرجل يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات فقال أما أولاهن فهو كما قال الله عز وجل : « وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً » (١) فهذا ينتقص منه جميع الأرواح و
______________________________________________________
يأبى عن هذا الحمل ، بل عن الثاني أيضا إلا بتكلف.
« وهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا » أي يكون إيمانهم واقعيا ولا يكون باطنهم مخالفا لظاهرهم فيكونون منافقين على بعض الاحتمالات السابقة أو المراد بهم المؤمنون الذين لا يتركون الفرائض ولا يرتكبون الكبائر إلا اللمم ، فالذين يفعلون ذلك ولا يتوبون داخلون في أصحاب الشمال ، لكنه يأبى عنه ما سيأتي من التخصيص بأهل الكتاب ، وسيأتي القول فيه.
وقوله : بأعيانهم ، ليس في رواية جابر ، وكان المعنى بخصوصهم أو بأنفسهم من غير أن يلحق بهم أتباعهم يستكمل هذه الأرواح ، أي يطلب كمالها وتمامها ، أو يتصف بها كاملة ، وفي البصائر بهذه الأرواح ، وأي يطلب كمالها وتمامها ، أو يتصف بها كاملة ، وفي البصائر بهذه الأرواح ، وفي رواية جابر مستكملا بهذه الأرواح ، وهما أظهر ، وهما على بناء المفعول ، في القاموس استكمله وكمله أتمه وجمله « إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ » في مجمع البيان : أي أدون العمر وأوضعه ، أي يبقيه حتى يصير إلى حال الهرم والخرف ، فيظهر النقصان في جوارحه وحواسه وعقله ، وروي عن علي عليهالسلام أن أرذل العمر خمس وسبعون سنة ، وروي مثل ذلك عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن قتادة تسعون سنة « لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً » أي ليرجع إلى حال الطفولية لنسيان ما كان علمه لأجل الكبر ، فكأنه لا يعلم شيئا مما كان عليه ، وقيل : ليقل علمه بخلاف ما كان عليه في حال شبابه ، انتهى.
__________________
(١) سورة النحل : ٧٠.