ليس بالذي يخرج من دين الله لأن الفاعل به رده إلى أرذل عمره فهو لا يعرف للصلاة وقتا ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار ولا القيام في الصف مع الناس فهذا نقصان من روح الإيمان وليس يضره شيئا ومنهم من ينتقص منه روح القوة
______________________________________________________
وقال البيضاوي : وقيل هو خمس وتسعون سنة ، وأقول : سيأتي في الروضة إنه مائة سنة ، وقيل : الكاف في قوله كما قال الله ، لبيان أن القريب من أرذل العمر أيضا داخل في المراد وليس بالذي يخرج من دين الله ، قال بعض المحققين : إن قيل : قد ثبت أن الإنسان إنما يبعث على ما مات عليه فإذا مات الكبير على غير معرفة فكيف يبعث عارفا؟ قلنا : لما كان مانعة عن الالتفات إلى معارفه أمرا عارضا وهو اشتغاله بتدبير البدن فلما زال ذلك بالموت برزت له معارفه التي كانت كامنة في ذاته ، بخلاف من لم يحصل المعرفة أصلا فإنه ليس في ذاته شيء ليبرز له.
« لأن الفاعل به رده » أي أن الله الفاعل به المدبر لأمره رده ، أو الرب الفاعل به القوي الأربع وخالقها فيه رده ، أو فاعل آخر غير نفسه رده ، ولا تقصير له فيه ، والأول أظهر وفي البصائر : لأن الله الفاعل ذلك به ، وهو أصوب « ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار » كأنه استعمل التهجد هنا في مطلق العبادة أو يقدر فعل آخر كقولهم : « علفته تبنا وماءا باردا (١) » وقيل : المراد بالتهجد هنا التيقظ من نوم الغفلة ، وأصل التهجد مجانبة الهجود في الليل للصلاة ، وفي القاموس : الهجود النوم كالتهجد ، وبالفتح المصلي بالليل ، والجمع بالضم ، وهجد وتهجد استيقظ كهجد ضد ، وفي البصائر : ولا الصيام بالنهار وهو أصوب « ولا القيام في الصف » أي لصلاة الجماعة ، ويحتمل الجهاد.
« وليس يضره شيئا » لأن ترك الأفعال مع القدرة عليها يوجب نقص الإيمان ، لا مع العذر ولا يوجب نقص ثوابه أيضا لما ورد في الأخبار أنه يكتب له مثل ما كان
__________________
(١) هذا عجزبيت وصدره « لما حططت الرحل عنها واردا » أي علفتها تبنا وسقيتها ماءا باردا.