ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ » (١) ثم قال في جماعتهم « وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ » (٢) يقول أكرمهم بها ففضلهم على من سواهم فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم
______________________________________________________
تحقيره وتعظيمه ، وجعل معجزاته سبب تفضيله لأنها آيات واضحة ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره.
« ثم قال في جماعتهم » ظاهره أن المراد أنه قال ذلك في عموم الأنبياء والرسل ، وهو مخالف لظاهر سياق الآيات ، والمشهور بين المفسرين.
والآيات هكذا : « كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ، لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ » وقال البيضاوي : أولئك ، أي الذين لم يوادوهم.
وأقول : يمكن توجيهه بوجوه : الأول : أن يكون أولئك إشارة إلى الرسل في قوله : ورسلي ، وهو وإن كان بعيدا لفظا فليس ببعيد معنى ، ولا ينافي ما مر في بعض الأخبار أنه الروح الذي في المؤمنين جميعا ويفارقهم في وقت المعصية ، لأنهم أكمل المؤمنين ، وفيهم هذا الروح أيضا على وجه الكمال وإن كان في سائر المؤمنين صنف منه ، وهذا غير روح القدس كما مر في الخمسة.
الثاني : أن يكون إشارة إلى المؤمنين وذكره عليهالسلام هذه الآية لبيان أنهم أيضا مؤيدون بهذا الروح لأنهم أكمل المؤمنين كما عرفت.
الثالث : أن يكون المراد بجماعتهم الجماعة المخصوصين بالرسل من خواص أممهم وأتباعهم ، وكونه في خواص أتباعهم يستلزم كونه فيهم أيضا ، وفي البصائر في حديث جابر بعد قوله وروح البدن : وبين ذلك في كتابه حيث قال : « تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا » (٣) الآية ، وبعدها ثم قال : في جميعهم : « وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ » وهذا
__________________
(١ و ٣) سورة البقرة : ٢٥٣.
(٢) سورة المجادلة : ٢٢.