تاب انمحت وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا.
______________________________________________________
يستقر فيه الذكر قال الله تعالى : « أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » (١) وأما الآثار المذمومة فإنها مثل دخان مظلم يتصاعد إلى مرآة القلب ، ولا يزال يتراكم عليه مرة بعد أخرى إلى أن يسود ويظلم ، ويصير بالكلية محجوبا عن الله تعالى ، وهو الطبع والرين ، قال الله تعالى : « كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ » (٢) وقال الله تعالى : « أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ونَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ » (٣) فربط عدم السماع والطبع بالذنوب كما ربط السماع بالتقوى حيث قال : « وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا » (٤) « فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ » (٥) « وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ » (٦) ومهما تراكمت الذنوب طبع على القلب ، وعند ذلك يعمى القلب عن إدراك الحق وصلاح الدين ويستهين بالآخرة ويستعظم أمر الدنيا ، ويصير مقصور الهم عليه ، فإذا قرع سمعه أمر الآخرة وما فيها من الأخطار دخل من أذن وخرج من الأخرى ، ولم يستقر في القلب ولم يحركه إلى التوبة والتدارك «أولئك الذين يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ» وهذا هو معنى اسوداد القلب بالذنوب كما نطق به القرآن والسنة.
قال بعضهم : روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : قلب المؤمن أجرد فيه سراج يزهر ، وقلب الكافر أسود منكوس ، فطاعة الله تعالى بمخالفة الشهوات مصقلات للقلب ومعصيته مسودات له فمن أقبل على المعاصي أسود قلبه ، ومن أتبع السيئة الحسنة ومحي أثرها لم يظلم قلبه ، ولكن ينقص نوره كالمرآة التي يتنفس فيها ، ثم يمسح ثم يتنفس ثم يمسح فإنها لا تخلو عن كدورة ، قال الله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ
__________________
(١) سورة الرعد : ٢٨.
(٢) سورة المطففين : ١٤.
(٣) سورة الأعراف : ١٠٠.
(٤) سورة المائدة : ١٠٨.
(٥) سورة الشعراء : ١٢٦.
(٦) سورة البقرة : ٢٨٢.