.................................................................................................
______________________________________________________
والأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير ، فإذا عرفت ذلك فاعلم أنه عليهالسلام استدل بهذه الآية على أن المؤمنين صنفان ، لأنه تعالى قال : « مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ » فصنف منهم مؤمن « صدق بعهد الله » قيل : الباء بمعنى في ، أي في عهد الله ، فقوله : صدق كنصر بالتخفيف ، ففيه إشارة إلى أن في الآية أيضا الباء مقدرة أي صدقوا بما عاهدوا الله عليه ، ويمكن أن يقرأ صدق بالتشديد بيانا لحاصل معنى الآية ، أي صدقوا بعهد الله وما وعدهم من الثواب وما اشترط في الثواب من الإيمان والعمل الصالح ، والأول أظهر ، والمراد بالعهد أصول الدين من الإقرار بالتوحيد والنبوة والإمامة والمعاد ، والوفاء بالشرط الإتيان بالمأمورات والانتهاء عن المنهيات ، وقيل : أراد بالعهد الميثاق بقوله : « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ » (١) وبالشرط قوله تعالى : « إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ » (٢).
وأقول : يحتمل أن يكون المراد بهما ما مر في الحديث السادس من باب معرفة الإمام والرد إليه حيث قال : إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفون حتى تصدقوا ، ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها ، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا ، إن الله تعالى لا يقبل إلا العمل الصالح ، أو لا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط والعهود ، فمن وفى لله عز وجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده ، واستعمل عهده إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار ، وأخبرهم كيف يسلكون فقال : « وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى » (٣) وقال : « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٧٢.
(٢) سورة النساء : ٣١.
(٣) سورة طه : ٨٢.