الشدة ولا يبطر في الرخاء يمزج الحلم بالعلم والعقل بالصبر تراه بعيدا كسله دائما نشاطه قريبا أمله قليلا زلله متوقعا لأجله خاشعا قلبه ذاكرا ربه قانعة نفسه منفيا جهله سهلا أمره حزينا لذنبه ميتة شهوته كظوما
______________________________________________________
البقاء في الدنيا أو درجة الأنبياء والأوصياء أو الأمور الدنيوية كالمناصب الباطلة « ولا يفشل في الشدة » أي لا يكسل في العبادة في حال الشدة ، أو لا يضطرب ولا يجبن فيها ، بل يصبر ، أو يقدم علي دفعها بالجهاد ونحوه ، في القاموس : فشل كفرح فهو فشل : كسل وضعف ، وتراخى وجبن.
« يمزج العلم بالحلم » (١) أي بالعفو وكظم الغيظ أو العقل ، والأول أظهر لأن العلم يصير غالبا سببا للتكبر والترفع وترك الحلم ، والمزج : الخلط والفعل كنصر ، وفي النهج : يمزج الحلم بالعلم فالمعنى أنه يحلم مع العلم بفضيلة الحلم ، لا كحلم بعض الجاهلين عن ضعف النفس ، وعدم المبالاة بما قيل له وفعل به ، أو المراد بالحلم العقل أي يتعلم عن تفكر وتدبر ولا يعتمد على الظنون والآراء « والعقل بالصبر » أي مع وفور عقله يصبر على جهل الجهال ، أو يصبر على المصائب لقوة عقله ، وقيل : أي مع عقله وفهمه أحوال الخلائق يصبر عليها « تراه بعيدا كسله » أي في العبادات.
« دائما نشاطه » أي رغبته في الطاعات ، في القاموس : نشط كسمع نشاطا : طابت نفسه للعمل وغيره « قريبا أمله » أي لا يؤمل ما يبعد حصوله من أمور الدنيا ، أو لا يأمل ما يتوقف حصوله على عمر طويل ، بل يعد موته قريبا.
والحاصل أنه ليس له طول الأمل أو لا يؤخر ما يريده من الطاعة ، ولا يسوف فيها « قليلا زلله » لتيقظه وأخذه بالحائطة لدينه « متوقعا لأجله » أي منتظرا له يعده قريبا منه « خاشعا قلبه » أي خاضعا منقادا لأمر الله متذكرا له خائفا منه سبحانه « قانعة نفسه » بما أعطاه ربه « منفيا جهله » لوفور علمه « سهلا أمره » أي هو خفيف المؤنة أو يصفح عن السفهاء ، ولا يصر على الانتقام منهم ، وقيل : أي لا يتكلف
__________________
(١) وفي المتن « الحلم بالعلم » كما في المنقول عن النهج.