.................................................................................................
______________________________________________________
العمل فإن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فصح أن النية بهذا الاعتبار خير من العمل. وأقول : يمكن أن يقال هذا في الشر أيضا بناء على أن الكافر يعاقب على نيات الشر وإنما العفو عن المؤمنين.
السادس : أن النية من أعمال القلب وهو أفضل من الجوارح فعمله أفضل من عملها ألا ترى إلى قوله تعالى : « أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي » (١) جعل سبحانه الصلاة وسيلة إلى الذكر والمقصود أشرف من الوسيلة ، وأيضا فأعمال القلب مستورة عن الخلق لا يتطرق إليها الرياء وغيره بخلاف أعمال الجوارح.
السابع : أن المراد أن نية بعض الأعمال الشاقة كالحج والجهاد خير من بعض الأعمال الخفية كتلاوة آية من القرآن والصدقة بدرهم مثلا.
الثامن : ما ذكره السيد المرتضى رضياللهعنه في الغرر أن لفظة خير ليست اسم تفضيل بل المراد أن نية المؤمن عمل خير من جملة أعماله ، و « من » تبعيضية وبه دفع التنافي بين هذا الحديث وبين ما يروي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : أفضل الأعمال أحمزها ، ويجري هذا الوجه في قوله : ونية الكافر شر من عمله فإن المعنى فيه ليس معنى التفضيل بل المعنى شر من جملة أعماله ، فإن قيل : كيف يصح هذا مع ما ورد في الحديث من أن ابن آدم إذا هم بالحسنة ، كتبت له حسنة وإذا هم بالسيئة لم يكتب عليه شيء حتى يعمل؟ قلنا : قد ذكرنا سابقا أن ظاهر بعض الأخبار أن ذلك مخصوص بالمؤمنين.
التاسع : أن المراد بالنية تأثر القلب عند العمل وانقياده إلى الطاعة وإقباله على الآخرة وانصرافه عن الدنيا وذلك يشتد بشغل الجوارح في الطاعات وكفها عن المعاصي فإن بين الجوارح والقلب علاقة شديدة يتأثر كل منهما بالآخر كما إذا حصل للأعضاء آفة سرى أثرها إلى القلب فاضطرب وإذا تألم القلب بخوف مثلا سرى أثره
__________________
(١) سورة طه : ١٤.